يسمه: رحمة، ولا غوثًا؛ لأن من عليه فعل شيء لم يوصف بالفضل والرحمة، فهو على المعتزلة في الأصلح، واللَّه الموفق.
وقوله: (وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ) يحتمل (الْوَلِيُّ) أي: هو الرب، (الْحَمِيدُ) هو المستحق للحمد.
أو الولي: هو الحافظ لهم، وولي كل نعمة أعطاهم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ (٢٩)
قوله - تعالى -: (وَمِنْ آيَاتِهِ) يحتمل: من آيات ربوبيته وتوحيده خلق السماوات والأرض وما ذكر.
أو من آيات حكمته وعلمه وتدبيره خلق ما ذكر.
أو من آيات قدرته وسلطانه ما ذكر.
أو من آيات إحسانه ونعمه وأياديه ما ذكر، وقد بينا وجه كل ذلك ودلالته على قدر فهمنا منه فيما تقدم.
ثم اختلفوا في قوله: (وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ):
قَالَ بَعْضُهُمْ: قوله - تعالى -: (وَمَا بَثَّ فِيهِمَا) أي: في الأرض خاصّة؛ ألا ترى أنه قال: (مِنْ دَابَّةٍ) وهي اسم لما يدب، وأهل السماء ملائكة، ولهم الطيران دون الدبيب، وهو كقوله - تعالى -: (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ)، وإنما يخرج من أحدهما.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (فِيهِمَا) أي: في السماء الملائكة، وفي الأرض الدواب، لكنه سمى أهل السماء باسم ما في الأرض من الدواب، وذلك جائز في اللغة ذكر شيئين باسم أحدهما؛ كقوله: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ)، والكناية ترجع إلى الصلاة لفظًا، والمراد ما سبق من الصبر والصلاة، وكذا قوله: (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا)، كنى عن التجارة وأراد كليهما، ونحو ذلك؛ فعلى ذلك هذا.
ثم قوله: (وَمَا بَثَّ فِيهِمَا) قالوا: أي: نشر.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ) يحتمل ما ذكر من جمعهم:
بعثهم وإحياؤهم قدير على ذلك، كما هو قدير على ما ذكر من خلق السماوات والأرض


الصفحة التالية
Icon