وقوله: (إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ).
قَالَ بَعْضُهُمْ: هذا على إتمام الآية، ومراعاة المقاطع على وجهها، هذا وأمثاله يخرج على هذا، واللَّه أعلم.
ويحتمل أن يكون قوله: (إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ) على إثر قوله: (رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) أي: هو رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم تعلمون: أنه رب ما ذكر، فكيف تصرفون العبادة واسم الألوهية إلى من ليس برب؟! لما ذكر أن الإيقان هو العلم بالشيء حقيقة.
ثم نعت الربّ فقال: (لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ... (٨) فكأنه يقول: لا معبود يستحق العبادة سواه؛ لأن الإله هو المعبود عند العرب؛ يقول: لا تستحق الأشياء التي يعبدون العبادة إنما المستحق لها هو الذي لا إله غيره.
ويحتمل أن يقول: لا يستحق اسم الألوهية إلا هو، لا الأشياء التي سميتموها: آلهة، ثم نعته فقال: (يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ) أي: هو يحيي ويميت، وهو ربكم ورب آبائكم الأولين.
إن من عادة العرب أنهم كانوا يعبدون ويخدمون شيئًا دون اللَّه - تعالى - رجاء أن تشفع لهم وتقربهم تلك العبادة إلى اللَّه - تعالى - فيقول: إن الذين تعبدون دونه لا يقع لهم العلم بعبادتكم إياها، فاصرفوا العبادة إلى الذي يعلم بعبادتكم على كل حال، وأخلصوا له ذلك، ولا تشركوا غيره.
* * *
قوله تعالى: (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ (٩) فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ. يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (١١) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (١٢) أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ (١٣) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ (١٤) إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (١٥) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ (١٦).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ) ويحتمل قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ) أي: في أمر القرآن.
ويحتمل: بل هم في شك في أمر الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ونحوه، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (١٠) اختلف أهل التأويل فيه:
قَالَ بَعْضُهُمْ: ليس هو على حقيقة الدخان، ولكن على التمثيل والمجاز.
ثم اختلف في كيفية ذلك، مع اتفاقهم أنه قد مضى ذلك وقد كان؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: