ْنقصان، ولا زوال (يَدْعُونَ) يسألون أن أحضروها، لا يسألون كما يسألون في الدنيا هل بقي شيء، أو هل عندكم شيء من الفواكه؟ ونحو ذلك؛ لما ذكرنا أن لثمار الدنيا انقطاع وفناء، وليس لثمار الجنة وفواكهها كذلك، لذلك ما ذكرنا، واللَّه أعلم.
وقوله: (آمِنِينَ) يحتمل وجهين:
أحدهما: (آمِنِينَ) عن انقطاع فواكهها وثمارها وما ذكر.
ويحتمل (آمِنِينَ) وفيها في الجنة ليس لهم خوف الخروج عنها والزوال، وآمنون عن جميع الآفات التي تكون في الدنيا، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى... (٥٦) والإشكال: أنه نفى الموت في الجنة واستثنى الموتة الأولى، وليس في الجنة موت أصلا، كيف يستثني الموتة الأولى وأن ظاهر الاستثناء أن يكون من جنس المستثنى منه، فيوهم أن يكون في الجنة موت؟!
قَالَ بَعْضُهُمْ: إن " إلا " بمعنى غير وسوى، وفيه إضمار؛ كأنه قال: لا يذوقون فيها -أي: في الجنة- الموت سوى الموتة الأولى التي ذاقوا في الدنيا؛ لأن الموتة التي ذاقوا وهي الموتة الأولى لا يتصور ذوقها ثانيًا، ولو كان يكون مثلها، ولأن الجنة ليست محل الموت، فكأن المراد ما قلنا، أي: لا يذوقون في الجنة الموت سوى الموت الذي ذاقوا في الدنيا، وهو كقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ...) الآية؛ أي: سوى ما قد سلف، (إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً)، في ذلك الوقت؛ على أحد التأويلين، واللَّه أعلم.
وعندنا يخرج تأويله على وجهين:
أحدهما: لا يذوقون فيها الموت إلا ما ذاقوا من الموتة الأولى؛ لأنه ذكر في الخبر أنه: " يؤتى بالموت يوم القيامة على صورة كبش أملح -أو كذا- فيذبح بين أيديهم، فعند ذلك يأمنون الموت هنالك " واللَّه أعلم.
والثاني: لا يذوقون فيها الموت ولا يرونه إلا الموتة الأولى التي رأوها في الدنيا، تلك يعرفونها ويذكرونها، فأما سواها فلا، والذوق سبب المعرفة، فاستعير للمعرفة مجازًا، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ) ليس هو تخصيص وقاية عذاب


الصفحة التالية
Icon