رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه أُتي بامرأة وضعت في ستة أشهر، فأراد أن يرجمها، فقال ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يا أمير المؤمنين، إن اللَّه - تعالى - قد جعل في كتابه مخرجًا؛ قال اللَّه - تعالى -: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ)، وقال: (وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا) ستة أشهر لحملها، ورضاعه سنتين، فأخذ بقول ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ودرأ عنها الرجم.
وكذلك روي عن عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه أُتي بامرأة وضعت لستة أشهر، فهمّ أن يرجمها، فقال له ابن عَبَّاسٍ: أما إنها لو خاصمتكم بكتاب اللَّه خصمتكم، ثم تلا هذه الآية.
وكذلك ذكر عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لما أمر برجم المرأة التي وضعت لستة أشهر، فسمع علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فأتى عثمان - رضي الله عنه - فقال له: ما صنعت؟ فقال له عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وهل تلد المرأة الولد التام لستة أشهر؟ قال: نعم، ثم تلا عليه هذه الآية.
فهَؤُلَاءِ الصحابة - رضي اللَّه عنهم - قد رأوا الآية في كل امرأة وضعت لتلك المدة في حق ذلك الحكم الذي ذكر، واللَّه أعلم.
ثم روي عن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: إذا وضعت المرأة لستة أشهر أرضعته حولين كاملين؛ لأن اللَّه - تعالى - يقول: (وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا) وإذا وضعت لسبعة أشهر أرضعته ثلاثة وعشرين شهرًا، وإذا وضعته لتسعة أشهر، أرضعته أحدًا وعشرين شهرًا، فعلى قياس هذا جائز أنها إن وضعته لسنتين أن يكفي رضاع ستة أشهر، يزاد وينقص على ذلك القدر؛ ألا ترى أنه روي أن المرأة التي حملت سنتين ولدت وقد ثبتت له سنتان؛ فمثل هذا الولد لا يحتاج من الرضاع ما يحتاج الذي ولد لستة أشهر؛ لذلك كان ما ذكرنا.
ثم إذا احتمل النقصان عن الحولين؛ لما ذكرنا جازت الزيادة على الحولين؛ على ما قال أبو حنيفة - رحمه اللَّه - لأن ما ذكر من الحولين إنما هو رضاع أقل الحمل، وهو ستة أشهر؛ لأن الذي ولد لستة أشهر كان إلى الاغتذاء بالطعام أبعد من الذي ولد لتسعة أشهر؛