المعاملة، وما قاسى هو منهم؛ لتتسلى بذلك عن بعض ما عامل به قومك معك، والله أعلم.
والثاني: واذكر نبأ عاد بما نزل بهم من العذاب والاستئصال بتكذيبهم الرسل، والاستكبار عليهم، والاستهزاء بهم؛ لتحذر به قومك في تكذيبك والاستهزاء بك، والله أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ) أي: خوف قومه بالأحقاف.
وقد اختلف في تأويل الأحقاف:
قَالَ بَعْضُهُمْ: هو اسم أرض خوفهم بنزول العذاب هنالك.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: هي جبال من رمل مستطيلة مرتفعة.
وقَالَ الْقُتَبِيُّ: الأحقاف: واحده: حقف، وهو الرمل ما أشرف من كثبانه واستطال وانحنى.
وقال أَبُو عَوْسَجَةَ: الأحقاف: رمل بشحر عمان، وهي منازل عاد فيما زعموا وشحر تلاوة.
وقيل: الحقف: تل معوج.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: الأحقاف: الجبل حين نضب الماء زمان الغرف كان ينضب عن المكان من الجبل ويبقى أثره، وينضب من مكان أسفل من ذلك ويبقى أثره دون ذلك؛ فذلك الأحقاف.
وقيل - أيضًا -: الأحقاف: جبل بالشام.
وقيل: هو المكان الذي كان منازل عاد ومقامهم، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ) أي: خلت الرسل من قبل هود ومن بعده، عليه الصلاة والسلام.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ) كأن الخطاب بهذا وقع للكل؛ يقول: ثم الرسل - عليهم السلام - ينذرون قومهم بأنواع العذاب عند تكذيبهم إياهم، ولم يزل الرسل - عليهم السلام - من قبل ومن بعد، دعوا الناس إلى عبادة اللَّه - تعالى - ونهوهم عن عبادة غيره.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) يحتمل قوله: (أَخَافُ