تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ)، وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ)، ونحوه، فالمراد منه أولياؤه على أحد التأويلات، واللَّه أعلم.
والثاني: يكون المراد بالعلم: المعلوم، وذلك جائز في اللسان واللغة؛ كقول الناس: الصلاة أمر اللَّه: أي: مأمور اللَّه، وكقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)، أي: الموقن به، وقوله: (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ)، أي: بالمؤمن به، ونحو ذلك كثير.
والثالث: أي: يعلم كائنًا ما قد علمه أنه سيكون؛ إذ لا يجوز أن يوصف هو بعلم ما سيكون بعلمه كائنًا، أو بعلم ما قد كان بعلمه أنه يكون كائنًا، ولكن يوصف بما قد علمه كائنًا أنه علمه كائنًا، أو يعلم ما علم أنه سيكون أنه يكون؛ لأنه يوجب الجهل، ويكون التغير في ذلك المعلوم لا في علمه، واللَّه الموفق.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ) أي: ونبلو في أخباركم التي أخبرتم عن أنفسكم؛ كقوله: (يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ)، وقوله - عز وجل -: (مَن عَاهَدَ اللَّهَ...)، إلى آخر ما ذكر، ابتلوا في تلك الأخبار التي أخبروا عن أنفسهم، واللَّه أعلم.
ويحتمل أن يكونوا ابتلوا في قولهم الذي قالوا لو أعطوا بلسانهم؛ حيث قالوا: آمنا؛ كقوله - تعالى -: (الم (١) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ)، فتنوا فيما قالوا وأخبروا؛ أي: ابتلوا، فالفتنة والمحنة والابتلاء والبلاء واحد، واللَّه أعلم.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ) أي: نظهر نفاقكم للمسلمين؛ إذ كان اللَّه - تعالى - عالمًا قبل أن يبلوهم، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ (٣٢) قوله: (كَفَرُوا) أي: كفروا بنعم اللَّه؛ من الكفران.
أو كفروا بتوحيد اللَّه.
وقوله: (وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) يحتمل قوله: (وَصَدُّوا) أي: أعرضوا بأنفسهم عن دين اللَّه.
ويحتمل: (وَصَدُّوا) أي: صرفوا الناس عن دين اللَّه، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَشَاقُّوا الرَّسُولَ) أي: عادوه وعاندوه (مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى).