وقَالَ بَعْضُهُمْ بأنه تنبت لهم شجرة [فتنفطر] لهم كل ما يشاءون، فذلك هو المزيد.
لكن يحتمل وجهين:
أحدهما: النظر إلى رؤية الرب - جل وعلا - وهو كقوله تعالى: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ)، قيل: الزيادة هي رؤية اللَّه تعالى في الجنة.
ويشبه: ولدينا مزيد من نعيمها ما لا يبلغ تمنيهم وشهواتهم؛ كقوله - عليه السلام - في صفة نعيم الجنة: " ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر "؛ لأن الأماني والشهوات إنما تكون لما سبق لجنسه من الذي تقع عليه الرؤية والنظر، أو الخبر فأما ما لا معرفة به، فلا يتمنى ولا يشتهى، واللَّه أعلم.
* * *
قوله تعالى: (وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ (٣٦) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (٣٧) وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (٣٨) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (٣٩) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (٤٠).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ)، هذا يخرج على وجهين:
أحدهما: يقول: كم أهلكنا قبلهم من قرن، لم يملكوا دفع ذلك عن أنفسهم، ولا الانتصار من ذلك، فكيف يملك قومك دفع ما ينزل بهم لو أصروا على التكذيب.
والثاني: يقول: قد أهلك الذين كانوا قبل قومك: الذين كذبوا رسلهم، أهلكوا إهلاك عقوبة وتعذيب، والذين صدقوا أهلكوا بآجالهم، لا هلاك عقوبة، وقد كانوا جميعا: -المصدقين والمكذبين- سواء في هذه الدنيا، وفي الحكمة التفريق بينهما، فدل أن هناك دارا أخرى يفرق بينهما، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ):
قال أَبُو عَوْسَجَةَ: (فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ): أي: صاروا في البلاد هل مِن مَفَرٍّ؟!.


الصفحة التالية
Icon