الشيء ويفرقه بالظن: خراص؛ فعلى ذلك يحتمل قوله: (الْخَرَّاصُونَ).
ثم قوله: (قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ) يحتمل حقيقة القتل، وذلك يرجع إلى قوم خاص قتلوا.
والثاني: (قُتِلَ)، أي: لعن، واللعن: هو الطرد؛ أي: طردوا عن رحمة اللَّه، وإنما سمي اللعن: قتلا؛ لأن القتل سبب التبعيد عن منافع الحياة، وبالقتل خرج من أن يكون منتفعا به، واللعن هو الطرد عن رحمة اللَّه التي بها تقع وتتحقق المنافع في الآخرة، واللَّه أعلم.
وقال أهل التأويل: الخراصون: الكاذبون، وكذا قال أهل الأدب.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ (١١) اختلف في تأويله:
قَالَ بَعْضُهُمْ: أي: في غفلة.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: أي: في غطاء وغشاء، كقوله: (وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا)، أي: في غطاء وغلف.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: أي: في عماية عن أمر الآخرة.
ولكن الكل يرجع إلى معنى واحد.
وقوله: (سَاهُونَ)، أي: ساهون عن الحق وعما دعوا إليه.
وقيل: (سَاهُونَ)، أي: غافلون.
وقيل: أي: لاهون عن التوحيد والإيمان.
وقيل: (سَاهُونَ)، أي: تاركون الإيمان.
وأصل السهو هو الترك، وهو كقوله: (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ)، أي: تركوا، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ (١٢).
كانوا يسألون عن يوم القيامة سؤال استهزاء وعناد، لا سؤال استرشاد؛ لذلك قال الله تعالى: (يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ) ولو كان سؤالهم سؤال استرشاد، لكان لا يأتيهم ذلك الوعيد؛ ألا ترى أن جبريل - عليه السلام - أتى رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، وسأله عن الإيمان والإسلام في حديث طويل، وسأله عن الساعة فلم يأته الوعيد؛ فلا ذم في سؤاله ذلك؛