يخبر أنه يقبل التوبة وإن عظمت المعصية، وجلت الذنوب وكثرت، واللَّه أعلم.
قال أَبُو عَوْسَجَةَ: التوب: جماعة التوبة.
وقوله: (شَدِيدِ الْعِقَابِ).
أي: لمن لم يتب.
وقوله: (ذِي الطَّوْلِ).
قال أَبُو عَوْسَجَةَ: أي: ذي القدرة.
وقَالَ الْقُتَبِيُّ: ذي التفضل، يقال: طُلْ عليَّ برحمتك، أي: تفضل.
وقيل: ذي السعة والغناء.
وقيل: ذي النعم؛ وكله قريب بعضه من بعض.
وقوله؛ (لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ).
وحَّد نفسه، وأخبر أن مصير الخلق إليه في الآخرة فيجزيهم بأعمالهم، واللَّه أعلم.
وقوله: (مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ (٤)
أي: يجادل في دفع آيات اللَّه والطعن في آيات اللَّه الذين كفروا باللَّه أو كفروا بآيات اللَّه، وكانت مجادلتهم ما ذكر حيث قال: (لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ) أي: يبطلوا به الحق، أهل الكفر هم الذين كانوا يجادلون في دفع آيات اللَّه والطعن فيها، فأما أهل الإيمان بها كانوا يفرحون بنزولها ويزدادون بذلك إيمانًا؛ كما قال تعالى: (وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ)، وكقوله: (وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا)، ونحو ذلك من الآيات، كانوا يستسلمون لها ويقبلونها، ويستقبلون لها بالتعظيم والتبجيل، وباللَّه التوفيق.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ). معلوم أن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لا يغره تقلبهم في البلاد، لكنه ذكر الخطاب له، وأراد به غيره؛ لما يحتمل أن يظن قوم أن أهل الكفر لما كانوا فيه من التقلب في البلاد والسعة في عيشهم وأن أهل الإيمان في ضيق وشدة وخوف - أن أُولَئِكَ على الحق وهَؤُلَاءِ على الباطل، فجائز أن يظن ظان ما ذكرنا، فأخبر اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - أن الأمن والسعة، ليس بدليل على كون صاحبه على الحق، ولا الضيق والشدة بدليل على كون صاحبه على الباطل، ولكن محنة: امتحنهم مرة بالسعة