والثاني: سماهم: ولدانا؛ لولادهم في الدنيا وإن لم يولدوا في الجنة؛ لأن التوالد في الدنيا لحاجة البقاء وأهل الجنة باقون.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (مُخَلَّدُونَ) قَالَ بَعْضُهُمْ: أي: المقرطون، والخَلَدَة: القرط، وجمعه: الخِلَدَة.
قَالَ بَعْضُهُمْ: هو من الخلود، كقوله تعالى: (خَالِدِينَ فِيهَا)، أي: باقون.
وقيل: مسورون من السوار.
وقوله: (بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (١٨) الأكواب: هي الكيزان المدورة الرءوس التي لا عرى لها، والأباريق التي لها عرى وخراطيم، وهم يسمون الأكواب: القداح التي يشربون بها؛ لأن في الدنيا يكون لأهل الشراب الأباريق والأقداح يصبون من الأباريق في القدح، ويشربون ولا يشربون من الأباريق، فعلى ذلك وعدوا في الجنة.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ): الكأس: هو القدح المملوء من الشراب.
وأما المعين: قَالَ بَعْضُهُمْ: هو الظاهر من الماء، يقع عليه البصر، فوعد لأهل الجنة ذلك، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ (١٩) قرئ بكسر الزاي ونصبه؛ أي: لا تصدع خمورهم في الجنة رءوسهم كما تصدع خمور الدنيا أهلها.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَا يُنْزِفُونَ) قيل: بكسر الزاي: لا ينفد شرابهم، وبالفتح: لا يسكرون؛ فيه أنه ليس في خمورهم الآفات التي تكون في خمور الدنيا من ذهاب العقل، والصداع، والنفاد.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (٢٠) جميع فواكه الجنة مختارة، لكن يخرج على وجهين:
أحدهما: أن جميع فواكهها مما يتخيرون.
والثاني: العرف في الفواكه أن تقدم من أجناس مختلفة وألوان، لا من لون واحد ونوع واحد، فيتخيرون من أي نوع اشتهوا أو شاءوا.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٢١) إن أهل الجنة إنما يتناولون ما يتناولون على الشهوة، لا على الحاجة وسد الجوع، وهو كما ذكر: (وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ).


الصفحة التالية
Icon