الشؤم، ففي ذكر ذلك بيان ما لهم من الكرامات، وما لأُولَئِكَ من العقوبات، وليس في ذكر اليمين والشمال بيان العقاب؛ فذكر على أثر ذلك؛ ليعرف ما لكل فريق من الجزاء، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (٤٢) قيل: السموم: هو فيح جهنم، والحميم: هو الذي قد انتهى حره غايته.
وقيل: السموم: هو حر النار.
وقيل: هو ريح باردة.
وقيل: ريح حارة.
وأصله: أنه لما أصابهم السموم، اشتد بهم العطش، فعند ذلك يشربون الحميم؛ رجاء أن يسكن به عطشهم، ويذهب ذلك عنهم، فلا يزداد لهم بذلك إلا شدة عطش على ما كان، واللَّه أعلم.
وقوله: (وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (٤٣) قيل: هو دخان أسود.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: اليحموم: هو من الحميم.
وقال أبو بكر: أي: ظل من بخار يجعل اليحموم بخارا.
ثم الظل الذي ذكر هاهنا يحتمل أن يكون هو الظل الذي ذكر في قوله: (انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ)، وقوله: لهم ظلل من النار.
وقيل: هو السرادق من النار.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ (٤٤) (لَا بَارِدٍ)؛ لأنه من النار (وَلَا كَرِيمٍ)؛ لأنه لهوانهم ليس للكرامة.
وقال الحسن وقتادة: (لَا بَارِدٍ) المنزل، (وَلَا كَرِيمٍ) المنظر.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ (٤٥) أي: هذا الجزاء لهم؛ لأنهم كانوا يقولون في الدنيا: (نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ)، وإنما قال ذلك مترفوهم دون السفلة والأتباع؛ لقوله تعالى: (إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (٤٦) اختلف فيه: قَالَ بَعْضُهُمْ: (وَكَانُوا