وأما تأويله: فعلى قراءة الرفع، عن الحسن قال: الروح: الرحمة، والريحان: ريحاننا.
وعن أبي عبيد قال: بالرفع: هو الحياة والبقاء.
وعن الضحاك: بالفتح: الروح: الاستراحة، والريحان: الرزق.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: الروح: كناية عن دوام النعمة والسعة، يقال: فلان في روح؛ إذا كان في سعة ونعمة، والريحان: كناية عن الشرف والمنزلة، يقال: فلان ريحاني؛ وذلك لشرفه ومنزلته عنده.
ومنهم من قال: الروح: الراحة، والريحان: الرزق في الجنة.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: الروح -بالرفع-: من الرحمة، وبالنصب: الراحة.
ونحن نقول: جائز أن يكونا جميعا بالنصب والرفع من الرحمة؛ لقوله: (لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ)، أي: من رحمته، وقال في موضع آخر: (وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ)، أي: برحمة منه، يخبر اللَّه تعالى أن المقربين يكونون في الجنة في رحمة اللَّه ونعمته، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (٩٠) فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (٩١) يحتمل ما وصفنا أن أصحاب اليمين يسلمون على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، ويحيي بعضهم بعضا بالسلام.
ويحتمل (فَسَلَامٌ لَكَ) أي: السلامة لك منهم من جميع الآفات والأذى.
وذكر في حرف ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (فسلام إنك من أصحاب اليمين)، فهذا إن ثبت فهو يخرج على البشارة له عند الموت، واللَّه أعلم.
وقيل: يسلم عليهم الملائكة، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (٩٥) يقول: هذا الذي ذكرنا للمقربين، ولأصحاب اليمين، وللمكذبين هو حق اليقين؛ أي كائن لا محالة، لا شك فيه؛ مثل هذا يقال على التأكيد وتحقيق ما سبق ذكره ووصفه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٩٦) يقول - واللَّه أعلم - فسبح ربك باسم لا يسمى به غيره؛ أي: نزهه عن جميع ما قالت الملاحدة فيه من الولد والشريك، وتسمية من دونه: إلها وغير ذلك، واللَّه الموفق للسداد وإليه المرجع والمآب.
* * *