يقولون، بل يقدرون فهذا خلاف لظاهر الآية، واللَّه أعلم.
وفي قوله: (وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ) - أيضًا - دلالة نقض قول المعتزلة من جهة أخرى، وهو أنه ذكر المشيئة فيما هو حقه فضل وما هو حقه عدل، حيث قال. (وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ)، ولم يذكر المشيئة فيما هو حقه عدل، وما هو ظلم وجور، بل أطلق القول في ذلك، فقال: (وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)، وقال: (وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ)، وقال: (لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ)، وقال: (لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا)، وغير ذلك من الآيات نفى أن يلحق أحدا منه الظلم والجور؛ ليعلم أن فعل الهدى منه يصل إلى من هداه وأرشده، والإضلال منه عدل، وكذلك قال: (يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ)، أي: من نال الهدى والرشد إنما ناله بفضله ورحمته، ومن ضل فذلك عدل منه؛ ولذلك قال: (بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ)، واللَّه الهادي.
* * *