وصرن أمثالهن بأمر يجعله اللَّه تعالى؛ كأزواج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، والأمهات بسبب الرضاع، والله تعالى لم يجعل لنسائهم تلك الحقوق التي جعلها لمن لحقن بالأمهات، فيكون تشبيههن بهن في هذه الحقوق منكرا من القول وزورا، واللَّه أعلم.
وقوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٣) اختلف في حكم العود ما هو؟ وفي تأويل العود عن طاوس قولان:
في قول قال: (ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا): الوطء، فإذا حنث، فعليه الكفارة؛ وهذا تأويل بعيد مخالف للنص؛ لأن اللَّه تعالى يقول: (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) وإنَّمَا الذي ذهب إليه حكم الإيلاء: أنه إذا وطئ تجب الكفارة، أما في الظهار تجب الكفارة قبل الوطء وفي قول: أنه إذا تكلم الظهار يجب عليه الكفارة، ولم يشترط معه شيء آخر.
وعن مالك أنه إذا ظاهر من امرأته، ثم أجمع، وعزم على إمساكها وإصابتها، وجبت عليه الكفارة حتى إذا طلقها أو ماتت المرأة بعد العزم على الإمساك والإصابة، أو بعد الإصابة - بقي وجوب الكفارة عليه.
وإن لم يجمع على إمساكها حتى ماتت، تسقط الكفارة.
وكذلك إذا طلقها، لكنه إذا تزوجها بعد ذلك، لم يمسها حتى يكفر؛ فيكون العود: هو إمساكها ليطأها.
وعن الحسن: أن العود هو العزم على الجماع؛ حتى إذا عزم على جماعها، تجب الكفارة، وإن أراد تركها بعد ذلك.
وقال عُثْمَانَ الْبَتِّيُّ فيمن ظاهر من امرأته، ثم طلقها قبل أن يطأها، قال: أرى عليه الكفارة، راجعها أو لم يراجعها، وإن ماتت، لم يرتفع الظهار والكفارة، ولا يرث حتى يكفر.
وقال الشافعي: العود هو الإمساك، والكفارة تجب به، وحكم الظهار هو تحريم المتعة؛ حتى إذا أمكنه أن يطلقها بعد الظهار، ولم يطلق، وأمسكها ساعة؛ ليطأها، فقد وجبت عليه الكفارة عاشت أو ماتت، وإذا عاشت طلقها أو لم يطلقها، راجعها أو لا.
وإذا طلقها عقيب الظهار بلا فصل يبطل الظهار، ولا تجب الكفارة بعزم إمساك المرأة.
وقال بعض المتأخرين في تأويل قوله تعالى: (ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا)، أي: يعودون إلى القول الأول فيكررون ذلك القول، وعندهم لا يكون الرجل مظاهرا حتى يقول: " أنت عليَّ كظهر أمي " مرتين.
وأما عندنا فحكم الظهار هو تحريم مؤقت بالكفارة، ولا نرفعه إلا بالكفارة، هكذا