قال قائلون: المهيمن هو الأمين.
وقال قائلون: المهيمن هو المسلط.
وقال قائلون: المهيمن هو الشاهد.
فمن قال بالأول فإنه يذهب إلى أن أصل ذلك من المؤتمن، وهو من الأمانة، وإلى هذا التأويل يذهب الْقُتَبِيّ، أي: أمين في كل ما يقول، وفي كل ما يفعل لا يجور.
ومن قال بأنه هو المسلط، أصله من: هيمن يهيمن، أي: سلط يسلط، سئل عن تأويل المسلط؛ فقال: هو كالظاهر؛ إذ قهر العباد كلهم، وهم ملك له.
ومن فسره بالشاهد فإنه يحتمل تأويلين:
أحدهما: أي: شاهد على أفعال العباد من حيث لا يغيب عنه شيء.
والثاني: أي: شاهد بما أنزل على رسوله بالصدق، وهو كقوله - تعالى -: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ)، أي: شاهدًا عليه.
وقوله: (الْعَزِيزُ).
أي: ما من عزيز دونه إلا وهو ذليل.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (الْجَبَّارُ)، قيل فيه بوجهين:
أحدهما: سمى نفسه: الجبار؛ لأنه هو المجبر لكل كبير.
فقال قائلون: سمى نفسه: الجبار؛ لجبروته وعظمته، ولا يجوز لأحد أن يسمى بذلك الاسم إلا هو أي: اللَّه تعالى وتجبر عن أن يكون له أمثال وأشكال.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (الْمُتَكَبِّرُ).
من الكبرياء والعظمة، هذا الاسم لا يليق بغيره؛ لأن الخلق بعضهم لبعض أكفاء في الخلقة؛ فلا فضل لأحد على آخر، فلما استووا لم يجز لأحد على آخر التكبر؛ فصار الحق في ذلك لله تعالى، والتكبر على الآخر هو الارتفاع، والأصل فيه واحد، وهو ألا يرى لنفسه شكلا، واللَّه أعلم.
إنما سمى نفسه: متكبرًا؛ إذ هو المتكبر لذاته لم يكن تكبره بغيره؛ فلذلك قلنا: إنه لا يستحق أحد من الخلائق التكبر إلا اللَّه - تعالى - إذ لم يكن أحد له شكلا ولا ضدا ولا ندًّا، وأما غيره من الخلائق فكل واحد منهم بالذي له شكل.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ).
فيه تنزيه لله - تعالى - عما قالت الملاحدة فيه، فهذا اسم سمى به نفسه، وأمر الملائكة والأنبياء والمؤمنين أن يقولوا ذلك، ومعنى قوله: (سُبْحَانَ اللَّهِ)، أي: معاذ


الصفحة التالية
Icon