وعنده أيضا أنه كان يقرأ في صلاة الجمعة بـ (الجمعة) و (المنافقون) وفي المستدرك عن عبد الله بن سلام أنه قرأ عليهم سورة الصف حين نزلت حتى ختمها، إلى غير ذلك من سور أخرى ثبت أنه ﷺ قرأها بمشهد من الصحابة وما كان لهم أن يختاروا ترتيبا يخالف ما سمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم١ فتبين بهذه الأدلة أن الصحابة تلقوا ترتيب الآيات عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإن النبي تلقاه عن جبرئيل عن الله تعالى، كما قال النبي ﷺ في آية ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ﴾ :"إن جبرئيل أتاني فأمرني أن أضعها في موضعها من سورتها". فتكون جميع الآيات كذلك، إذ لا فرق بين آية وأخرى، وقد صرح جميع العلماء بذلك، وبأنه مجمع عليه كقول القاضي عياض فيما نقله عن الحافظ في الفتح: "لا خلاف أن ترتيب الآيات في كل سورة على ما هي عليه الآن في المصحف من الله تعالى٢".
٢ - جـ ٩ ص٣٣.
ترتيب السور:
الصحيح عند عامة السلف أن ترتيب السور توقيفي بمعنى أن النبي ﷺ تلقاه عن جبرئيل عليه السلام وتلقاه عنه الصحابة. قال عبد الرحمن بن وهب: "سمعت مالكا يقول: "إنما أُلِّفَ القرآن على ما كانوا يسمعونه من رسول الله صلى الله عليه وسلم". وقال البغوي في شرح السنة: "والصحابة رضي الله عنهم جمعوا بين الدفتين القرآن الذي أنزل الله على رسوله من غير أن يزيدوا أو ينقصوا منه شيئا، خوف ذهاب بعضه بذهاب حفظته، فكتبوه كما سمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رسول الله ﷺ يلقن أصحابه ويعلمهم ما نزل عليه من القرآن على الترتيب الذي هو الآن في مصاحفنا، بتوقيف جبرئيل إياه على ذلك وإعلامه عند نزول كل آية أن هذه الآية تكتب عقب كذا في سورة كذا فثبت أن سعي الصحابة كان في جمعه في موضع واحد لا في ترتيبه، فإن القرآن مكتوب في اللوح المحفوظ على هذا الترتيب، أنزله الله جملة إلى