الترجيح (١):
بالتأمل في القولين السابقين يتضح أن القائلين به من أهل الإسلام لا يريدون شيئاً إلا أن يثبتوا للعالم أجمع أن القرآن من عند الله، وأن منزله هو خالق الكون الذي وسع علمه كل شيء، وقد ضمنه هذه الحقائق العلمية، وأنهم بقدر ما يفعلون من ذلك يضيفون إلى أمجاد القرآن أمجاداً، وإلى براهين صدقه شيئاً جديداً.
والمعارضين له يقولون: إن المقررات العلمية تكون عرضة للتبديل والتغيير، وهم لا يريدون أن يربطوا القرآن وتفسيره بعجلة المتغير، وكفى القرآن شرفاً ومجداً أنه حث على العلم والبحث والنظر ولم يقف حجرة عثرة في سبيل التقدم العلمي والفكري (٢).
وليعلم المسلمون أن كتاب الله غني في إثبات صدقه عن العلوم الطبيعية التجريبية، لما فيه من النور والهدى، والشرائع الكاملة، والفصاحة البالغة، وغيرها من أوجه الإعجاز التي عدها العلماء (٣).
وليس باللازم أن كل حقيقة علمية أو كل معلومة علمية تجد لها في القرآن أصلاً؛ لأن القرآن لم يوضع لهذا.
وعلى هذا يمكن أن يقال: أن التفسير العلمي للقرآن مرفوض إذا اعتمد على النظريات العلمية التي لم تثبت ولم تستقر ولم تصل إلى درجة الحقيقة العلمية.
ومرفوض إذا خرج بالقرآن عن لغته العربية.
ومرفوض إذا صدر عن خلفية تعتمد العلم أصلاً وتجعل القرآن تبعاً.
ومرفوض إذا خالف ما دل عليه القرآن في موضع آخر أو دلت عليه السنة

(١) انظر: اتجاهات التفسير في القرآن الرابع عشر: ٢/ ٦٠١ - ٦٠٢، والمعجزة القرآنية - الإعجاز العلمي والغيبي لمحمد حسن هيتو، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط٣: ١٥٣، ولمحات في علوم القرآن واتجاهات التفسير: ٢٩٩، ونقد ما يسمى بالتفسير العلمي للقرآن لمساعد بن سليمان الطيار، ملتقى أهل التفسير على الشبكة العنكبوتية (الانترنت): ٧، وخلاصة بحث التفسير العلمي للقرآن الكريم بين المجيزين والمانعين: ١٠٦، والتفسير العلمي للقرآن في الميزان: ٢١٣.
(٢) انظر: مناهل العرفان في علوم القرآن: ١/ ٢٥، والفلسفة القرآنية: ١٨.
(٣) انظر: التفسير والمفسرون: ٢/ ٤٩٣، ومناهل العرفان في علوم القرآن: ٢/ ٢٧٥ - ٢٧٦.


الصفحة التالية
Icon