فنظر إلى المشرك أمامه، فخر مستلقيا، فنظر إليه فإذا هو قد خطم أنفه وشق وجهه كضربة السوط فاخضر ذلك أجمع، فجاء الأنصاري فحدث بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: «صدقت ذلك مدد السماء الثالثة» (١).
وأن عددهم في السماء كثير، ولا يعلمه إلا الله -عز وجل- كما جاء في حديث الإسراء
-بعد مجاوزته إلى السماء السابعة-: «ثم رفع بي إلى البيت المعمور، وإذا هو يدخله في كل يوم سبعون ألفا لا يعودون إليه آخر ما عليهم» (٢).
وأن السماء تئط (٣) منهم فعن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أطت السماء، وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجداً لله» (٤).
وأن من أعمالهم النزول بالوحي من السماء (٥)، قال تعالى: ﴿مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ﴾ (٦).
وأنهم يصعدون بأعمال العباد وأرواحهم إلى السماء (٧)، قال تعالى: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾ (٨).
وفي حديث البراء -رضي الله عنه- قال: «فيصعدون بها -أي روح الميت-، فلا يمرون - يعني
(٢) سبق تخريجه: ٢١٣.
(٣) الأطيط: صوت الأقتاب، والقتب: صوت الرحل. وأطيطُ الإبل: أصواتها وحنينها. أي أن كثرة ما فيها من الملائكة قد أثقلها حتى أطَّت. انظر: النهاية في غريب الحديث: ١/ ٥٤.
(٤) سنن الترمذي، كتاب الزهد، باب في قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا: ٣٨٢ برقم (٢٣١٢)، وقال: هذا حديث حسن غريب ويروى من غير هذا الوجه، والإمام أحمد في مسنده: ٣٥/ ٤٠٥ برقم (٢١٥١٦)، وقال المحقق: حسن لغيره. وانظر: السلسة الصحيحة الأحاديث رقم: ٨٥٢، ١٠٦٠، ١٧٢٢، ٣١٩٤.
(٥) انظر: تفسير ابن كثير: ٤/ ٥٢٧.
(٦) الحجر: ٨.
(٧) انظر: تفسير القرطبي: ١٤/ ٨٦ - ٨٧، وتفسير ابن كثير: ٦/ ٣٥٩.
(٨) السجدة: ٥.