فهذا من الشرك الأصغر، وقد دلت الأدلة على تحريمه، منها:
قوله تعالى: ﴿وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ﴾ (٨)، فهذه الآية نزلت في الذين يقولون: مطرنا بنوء كذا، ولا ينسبونه إلى الله تعالى.
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: مطر الناس على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر». قالوا: هذه رحمة الله، وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا وكذا. قال: فنزلت هذه الآية: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ حتى بلغ ﴿وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ﴾ (٩)» (١٠).
وعن زيد بن خالد الجهني -رضي الله عنه- أنه قال: صلى بنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة الصبح بالحديبية في إثر سماء كانت من الليل، فلما انصرف أقبل على الناس، فقال: «هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب» (١١).
القسم الثالث: جعل الأنواء علامة على المطر مع عدم نسبته إليه لا قولاً ولا اعتقاداً، وهذا جائز، قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ (١٢)، وقال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾ (١).
(٨) الواقعة: ٨٢.
(٩) الواقعة: ٧٥ - ٨٢.
(١٠) صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان كفر من قال مطرنا بالنوء: ١/ ٨٤ برقم (٧٣).
(١١) صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان كفر من قال مطرنا بالنوء: ١/ ٨٣ برقم (٧١).
(١٢) الأعراف: ٥٧.