الذنوب والمعاصي، وأن ذلك ابتلاً أو اختباراً من الله -عز وجل- لعباده ليعلم سبحانه من يصبر ويحتسب ويرجع إلى ربه، ومن يقنط ويسخط من قضاء الله (١)، قال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ (٢)، وقال تعالى: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ (٣)،
قال ابن قدامة (٤) -رحمه الله-: " فإن المعاصي سبب الجدب، والطاعة تكون سبباً للبركات" (٥).
ثالثاً: تحريف قوله -صلى الله عليه وسلم- عن المطر" حديث عهد بربه":
من المخالفات العقدية المتعلقة بهذه الآيات الكونية تحريف قوله -صلى الله عليه وسلم-: «حديث عهد بربه» (٦)، وأن المراد به ظهور متعلق الإرادة، وأن إرادة الله قديمة (٧).
وأهل السنة والجماعة يقولون: إن الله -عز وجل- فعال لما يريد، قال تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ﴾ (٨)، وقال تعالى: ﴿وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (١٤) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (١٥) فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ﴾ (٩).
فالله -عز وجل- متصف بصفة الإدارة ولم يزل متصف بتلك الصفة، وإرادة الله جل وعلا

(١) انظر: تفسير القرطبي: ٧/ ٢٥٣، وتفسير ابن كثير: ٣/ ٤٥١.
(٢) الأعراف: ٩٦.
(٣) الروم: ٤١.
(٤) هو عبد الله بن محمد بن قدامه الجماعيلي المقدسي، من أكابر علماء الحنابلة، من مؤلفاته: المغني، وروضة الناظر وجنة المناظر في أصول الفقه، وغيرها من المؤلفات، توفي عام: ٦٢٠.
انظر: شذرات الذهب: ٧/ ١٥٥، وسير أعلام النبلاء: ٢٢/ ١٦٥ - ١٧٣.
(٥) المغني: ٢/ ١٤٨.
(٦) سبق تخريجه: ٣٥٠.
(٧) انظر: إكمال المعلم شرح صحيح مسلم لأبي عبد الله الأبي، مكتبة طبرية: ٣/ ٤٩.
(٨) هود: ١٠٧.
(٩) البروج: ١٤ - ١٦.


الصفحة التالية
Icon