رابعاً: الإيمان بالرسل:
الريح من جند الله، يعز الله بها أولياءه، ويذل بها أعداءه، أكرم الله تعالى بها أنبيائه ونصرهم بها، فأكرم الله -عز وجل- بها سليمان -عليه السلام- (١)، قال تعالى ﴿قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (٣٥) فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ﴾ (٢)، وقال تعالى: ﴿وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ﴾ (٣).
ونصر بها نبينا -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا﴾ (٤)، وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور (٥)» (٦).
ومن دلائل نبوة الأنبياء وصدقهم نصر الله لهم على أعدائهم وإهلاكهم، وقد أخبر الله -عز وجل- أنه أهلك بعض الأمم المكذبة للرسل بإرسال الريح عليهم، قال الله تعالى: ﴿فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (١٥) فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ﴾ (٧)، وقال
(٢) ص: ٣٠ - ٣٦.
(٣) الأنبياء: ٨١.
(٤) الأحزاب: ٩.
(٥) الصبا: بفتح المهملة وتخفيف الموحدة مقصور هي الريح الشرقية، والدبور بفتح أوله وتخفيف الموحدة المضمومة مقابلها. فتح الباري: ٦/ ٣٠١.
(٦) صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة الخندق وهي الأحزاب: ٧٨٠ برقم (٤٠١٥).
(٧) فصلت: ١٥ - ١٦.