وردت بذلك الآيات والأحاديث الصحيحة، قال تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ﴾ (١)، وقال تعالى في الكفار: ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾ (٢)، فإنه يفهم من مفهوم مخالفته أن المؤمنين ليسوا محجوبين عنه جل وعلا (٣). وقال -صلى الله عليه وسلم-: «تعلموا أنه لن يرى أحد منكم ربه -عز وجل- حتى يموت» (٤).
ثانياً: توحيد الألوهية:
سبق في المبحث السابق - الأرض (٥) - أن الله -تعالى- يذكر ويعدد من دلائل إنفراده بالتصرف والخلق - في الأرض وغيرها - مما هو مشاهد وأضح الدلالة على المشركين لإفراد الله -عز وجل- بالعبادة (٦)، وذكر منها الجبال التي جعلها الله رواسي، قال تعالى: ﴿أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (٧).
وفي دعوة الله للمشركين لإفراده بالعبادة ذكر الله -عز وجل- جملة من النعم، ومنها الجبال التي جعل منها الحصون والمعاقل، فقال تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ وعلل ذلك بقوله: {لَعَلَّكُمْ
(٢) المطففين: ١٥
(٣) انظر: الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة لأبي عبدالله عبيد الله بن محمد بن بطة، تحقيق: الوليد بن سيف نصر، دار الراية، الرياض، ط١: ٣/ ٥٩، وكتاب التوحيد لابن خزيمة: ١/ ٣٥٤.
(٤) صحيح مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب ذكر ابن صياد: ٤/ ٢٢٤٤ برقم (١٦٩).
(٥) ص: ٣٩٩.
(٦) التحرير والتنوير: ٢٤/ ١٨٩، ١٧/ ٥٧، وانظر: تفسير ابن كثير: ٧/ ٣٩٦.
(٧) النمل: ٦١.