الدلائل العقدية للآيات الكونية - الزلازل والخسوف والبراكين-:
الزلازل والخسوف والبراكين من آيات الله الدالة على عظمته وقدرته، وتصرفه سبحانه وتعالى في هذا الكون، ونفوذ مشيئته، فما شاء الله كان، وما لم يشاء لم يكن.
وفيها تذكير الله لعباده بقوته، وتعريفهم بعجزهم وضعفهم، وأنهم مهما بلغ تقدمهم المادي، ومعرفتهم بوقت هذه الزلازل فإنهم لا يقدرون ردها، ولا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا، فالله -عز وجل- هو المهيمن على كل شيء، فلا راد لما قضاء.
وهي جند من جنود الله التي يسخرها الله عقابا للمذنبين، وابتلاء للصالحين، وعبرة للناجين، وظهور هذه الزلازل والخسوف والبراكين وعيد من الله لأهل الأرض، قال الله تعالى: ﴿وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا﴾ (١)، وقال تعالى: ﴿وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ (٢)، وقال تعالى: ﴿وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا﴾ (٣).
قال ابن القيم -رحمه الله- مبيناً أثر هذه الآيات الكونية على حياة الناس: " فصل، ثم تأمل خلق الارض على ما هي عليه حين خلقها واقفة ساكنة لتكون مهادا ومستقرا للحيوان والنبات والأمتعة، ويتمكن الحيوان والناس من السعي عليها في مآربهم، والجلوس لراحاتهم، والنوم لهدوهم، والتمكن من أعمالهم، ولو كانت رجراجة متكفئة لم يستطيعوا على ظهرها قرارا ولا هدوا، ولا ثبت لهم عليها بناء، ولا أمكنهم عليها صناعة ولا تجارة ولا حراثة ولا مصلحة، وكيف كانوا يتهنّون بالعيش والأرض ترتج من تحتهم، واعتبر ذلك بما يصيبهم من الزلازل على قلة مكثها كيف تصيرهم إلى ترك منازلهم والهرب عنها، وقد نبه الله تعالى على ذلك بقوله: ﴿وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ﴾ (٤)، وقوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ
(٢) يونس: ١٠١
(٣) الإسراء: ٦٠
(٤) النحل: ١٥.