في دعوة المشركين إلى إفراد الله بالعبادة والدعاء، يخوفهم الله -عز وجل- بعقابه ويذكر ما يدل من أفعاله على وحدانيته، وأنه هو النافع الضار، المتصرف في خلقه بما يشاء، ومن جملة ما يذكره الله -عز وجل- هذه الآيات الكونية - الزلازل والخسوف- (١)، قال تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ﴾ (٢)، وقال تعالى: ﴿وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا (٦٧) أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا﴾ (٣).
فذكرهم الله تعالى بشواهد الربوبية والإنعام، وأنه على كل شيء قدير، إن شاء أنزل عليهم العذاب من أسفل منهم بالخسف، وبأنه تعالى قادر على تعذيب من كفر بالله وأشرك معه إلها آخر (٤)، ليتدبروا فيتركوا العناد، ويفردوه بالعبادة.
وعند وجود الشدائد والخوف - ومن ذلك الزلازل- يلجأ الإنسان إلى ربه ومعبوده، ويتعوذ به من جميع الشرور، ففي الحديث عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا سافر فأقبل الليل قال: «يا أرض ربى وربك الله، أعوذ بالله من شرك، وشر ما فيك، وشر ما خلق فيك، ومن شر ما يدب عليك، وأعوذ بالله من أسد وأسود ومن الحية والعقرب ومن ساكن البلد ومن والد وما ولد» (٥).
فقوله: "من شرك"،"أي من شر ما حصل من ذاتك من الخسف والزلزلة والسقوط عن
(٢) سبأ: ٩.
(٣) الإسراء: ٦٧ - ٦٨
(٤) انظر: المرجع السابق: ٢٩/ ٣٢.
(٥) سنن أبي داود، كتاب الجهاد، باب ما يقول الرجل إذا نزل المنزل: ٢٩٤، برقم (٢٦٠٣)، ومسند الإمام أحمد: ١٠/ ٣٠٠ برقم (٦١٦١)، وقال محققه: إسناده ضعيف. وانظر: سنن أبي داود: ٢٥٥.