هذه الآية العظيمة، من أعظم الآيات تفصيلا لعلم الله المحيط" وأنه شامل للغيوب كلها، ومن ذلك ما في البحار من حيواناتها، ومعادنها، وصيدها، وغير ذلك مما تحتويه أرجاؤها، ويشتمل عليه ماؤها.
فهذه الآية دلت على علمه المحيط بجميع الأشياء، وكتابه المحيط بجميع الحوادث" (١).
وفي بيان سعة علم الله قال الخضر لموسى -عليهما السلام-: «والله ما علمي وما علمك في جنب علم الله إلا كما أخذ هذا الطائر بمنقاره من البحر» (٢)،"فلو جمع علم الخلائق من الأولين والآخرين، أهل السماوات وأهل الأرض، لكان بالنسبة إلى علم العظيم، أقل من نسبة عصفور وقع على حافة البحر، فأخذ بمنقاره من البحر بالنسبة للبحر وعظمته، ذلك بأن الله له الصفات العظيمة الواسعة الكاملة، وأن إلى ربك المنتهى" (٣).
٢ - صفة الكلام:
قال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ (٤)، فأخبر الله -عز وجل- عن عظمته وسعة صفاته وأن العباد لا يحيطون بشيء منها، ومن تلك الصفات كلام الله، الذي لو كان البحر مدداً لها، وأشجار الدنيا من أولها إلى آخرها، من أشجار البلدان والبراري، والبحار، أقلام، لنفد البحر، وتكسرت الأقلام، قبل أن تنفد كلمات ربي، وهذا شيء عظيم، لا يحيط به أحد.
وقال تعالى: ﴿قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي
(٢) صحيح البخاري، كتاب التفسير، باب: {فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا: ٩١، برقم (٤٧٢٦).
﴾ (٣) تفسير السعدي: ٤٨٨، ٦٥٠.
(٤) لقمان: ٢٧.