بل حجْرَهُ (١)، قالت: ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بل لحيتهُ، قالت: ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بل الأرض، فجاء بلال يؤذنه بالصلاة، فلما راهُ يبكي، قال: يا رسول الله، لم تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم وما تأخر؟ قال: «أفلا أكون عبداً شكورًا؟ لقد نزلت عليَّ الليلة آية، ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ (٢)» (٣).
فالله -عز وجل- يقول في هذه الآية"تدبروا أيها الناس واعتبروا، ففيما أنشأته فخلقته من السماوات والأرض لمعاشكم وأقواتكم وأرزاقكم، وفيما عقَّبت بينه من الليل والنهار فجعلتهما يختلفان ويعتقبان عليكم، تتصرفون في هذا لمعاشكم، وتسكنون في هذا راحة لأجسادكم، معتبر ومدَّكر، وآيات وعظات" (٤).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: " النظر إلى المخلوقات العلوية والسفلية على وجه التفكر والاعتبار مأمور به مندوب إليه" (٥).
وبتدبر القرآن الكريم تحصل معرفة الله تعالى، ومعرفة عظيم سلطانه وقدرته، وتتحقق العبودية له وكيفية عبادته سبحانه، فيحصل الخشوع والخضوع والتذلل والرجاء والخوف الخ.
قال تعالى: ﴿قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ (٦).
(٢) آل عمران: ١٩٠.
(٣) صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط٣: ٢/ ٣٨٦ برقم (٦٢٠)، وقال المحقق: إسناده صحيح على شرط مسلم. وانظر: السلسلة الصحيحة: ١/ ١٤٧ برقم (٦٨).
(٤) تفسير الطبري: ٤/ ٢٦٠.
(٥) مجموع الفتاوى: ١٥/ ٣٤٣.
(٦) يونس: ١٠١.