والنبي -صلى الله عليه وسلم- يذكر بعض الآيات الكونية، ثم يذكر بعدها تقرير التوحيد ونفي الشرك وإثبات البعث وغير ذلك من مسائل العقيدة، فكان -صلى الله عليه وسلم- يقول: «أصبحنا على فطرة الإسلام، وكلمة الإخلاص، ودين نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وملة أبينا إبراهيم، حنيفا مسلما وما كان من المشركين» (١).
وقد كان للنبي -صلى الله عليه وسلم- هديه الواضح تجاه هذه الآيات الكونية، وبيان ما يقع من الناس فيها من مخالفات، تنقص من إيمان العبد أو تزيله، ومن ذلك أنه لما حصل الخسوف في زمنه -عليه الصلاة والسلام- بين أن «الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته» الحديث (٢). فبين أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، ونفى ما كان يعتقده أهل الجاهلية من أنهما ينخسفان لموت أحد أو حياته، ثم بين سبب حصول هذا الخسوف- بالإضافة إلى الأسباب الحسية - وهو غيرة الله أن تنتهك محارمه، ثم بين أنه -صلى الله عليه وسلم- يعلم - بما أعلمه الله - من الأمور العظيمة التي لا يعلمونها، وهذا من أدلة نبوته.
ومن أجل إيضاح هذه الدلائل والمسائل العقدية المتعلقة بالآيات الكونية، وبيان ما حصل من الناس من المخالفات العقدية التي تقعُ عند حدوثها، وحيث أن أغلب من تكلم عن هذا الموضوع تكلم من جهة تعلق هذه الآيات بتوحيد الربوبية أو إثبات الرسالة أو البعث، وقلّ من تكلم عنها من جهة تعلقها بمسائل العقيدة الأخرى كتوحيد الألوهية والأسماء والصفات، والإيمان بالغيب، والكتب والرسل، والقدر والفطرة، ومسائل الأسماء والأحكام، والنهي عن مشابهة المشركين ونحو ذلك، رغبت أن يكون بحثي لمرحلة الماجستير في العقيدة والمذاهب
(٢) صحيح البخاري، اعتنى به أبو صهيب الكرمي، دار بيت الأفكار الدولية، الرياض: كتاب الكسوف، باب الصدقة في الكسوف: ٢٠٧، برقم (١٠٤٤).