الرجال، وكثرة الحروب، وتراكم الفتن، وقرب الساعة، وقلة الآمال، وعدم الفراغ لذلك والاهتمام به" (١).
وفي هذا التأويل نظر؛ لأن أرض العرب أرض قاحلة لا أنهار فيها، وإنما تسقى نخيلها وزروعها من مياه الآبار، ولو تركت وأعرض عنها وبقيت مهملة لا تزرع ولا تسقى من مياه الآبار؛ لبقيت قاحلة يابسة.
والصحيح أن هذه إشارة إلى ما ابتدئ فيه الآن من حفر الآبار الارتوازية التي ينبع الماء منها بكثرة، وإلى عمل السدود التي تحبس مياه السيول، فتكون أنهارًا تجري إلى الأراضي الطيبة، فتكون مزارع ومروجًا للدواب (٢).
وفي قوله -صلى الله عليه وسلم-: «تعود»: والعود (٣) في الأصل هو رجوع الأمر إلى شيء سبق أن كان عليه. ومتصفاً به. هذه حقيقة العود.
أما معنى الحديث في النظرة العلمية المعاصرة: فإن " أرض العرب كانت مروجاً وأنهاراً، وأنها بعد فترة من الزمن أصبحت صحراء مجدبة قليلة الماء والأنهار، وأنها بعد ذلك ستعود ثانية فتجري فيها الأنهار وتمتلئ بالمرج الأخضر الذي يعلو أرضها.
أما الشق الأول: وهو أن أرض العرب كانت تعلوها الخضرة، والمروج، وتسيل فيها الأنهار، فقد أثبتتها دراسات متعددة، وبينت تلك الدراسات أنها كانت كذلك.
وأما الشق الثاني: وهو أنها ستعود ثانية مروجاً تعلوها الخضرة، وتنتشر في أنحائها البساتين، وتفوح في أجوائها عطر الأزاهير، إن هذا الأمر الذي يتحدث به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منذ القرون المتطاولة الممتدة، لا يتصوره الإنسان يحدث في أرض جرداء ممتدة من البحر الأحمر إلى الخليج العربي تعلوها الرمال الكثيفة التي لا تنبت كلاً ولا تمسك ماء" (٤)؛ ولكنه يؤمن ويسلم ويصدق بما قاله الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
(٢) إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة: ٢/ ١٩٠.
(٣) انظر: الصحاح: ٣/ ٧٦، معجم مقاييس اللغة: ٤/ ١٨١، القاموس المحيط: ٢٧٠.
(٤) الإعجاز العلمي في السنة النبوية: ٩٢٤.