فليأت النهر الذي يراه نارا وليغمض، ثم ليطأطئ رأسه فيشرب منه، فإنه ماء بارد» (١).
وفي رواية أخرى عن حذيفة -رضي الله عنه-: «إن الدجال يخرج، وإن معه ماء ونارا، فأما الذي يراه الناس ماء فنار تحرق، وأما الذي يراه الناس نارا، فماء بارد عذب، فمن أدرك ذلك منكم فليقع في الذي يراه نارا، فإنه ماء عذب طيب» (٢).
فيتضح من هذه النصوص أن الناس لا يدركون ما مع الدجال حقيقة، وأن ما يرونه لا يمثل الحقيقة بل يخالفها، ولذلك فقد جاء في بعض الأحاديث في صحيح مسلم: «وإنه يجيء معه مثل الجنة والنار، فالتي يقول: إنها الجنة هي النار» (٣).
ومن فتنته أنه يقتل ذلك الرجل المؤمن الذي يخرج إليه ويشهد عليه بأنه الدجال، ثم يعجز عن قتله ولا يسلط عليه، ففي صحيح البخاري عن أبي سعيد -رضي الله عنه- قال: حدثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديثاً طويلاً عن الدجال، فكان فيما يحدثنا أنه قال: «يأتي الدجال - وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة - فينزل بعض السباخ التي تلي المدينة، فيخرج إليه يومئذ رجل هو خير الناس، أو من خير الناس، فيقول: أشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديثه، فيقول الدجال، أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته، هل تشكون في الأمر؟ فيقولون: لا، فيقتله، ثم يحييه، فيقول: والله ما كنت فيك أشد بصيرة مني اليوم، فيريد الدجال أن يقتله، فلا يسلط عليه» (٤).
وهذه الآية التي أعطاها الله آياها من إحياء الموتى -وهي آية عظيمة من آيات الأنبياء كما حصل لعيسى -عليه السلام- - إنما هي على سبيل الفتنة للعباد، وقد بأن لهم بالأدلة أنه المسيح مبطل غير محق في دعواه وأنه أعور، ومكتوب على وجهه كافر يقرؤه كل مسلم. وهذا نقص له في ذاته وقدره.

(١) صحيح مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب ذكر الدجال وصفته وما معه: ٤/ ٢٢٤٨ برقم (٢٩٣٤).
(٢) صحيح مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب ذكر الدجال وصفته وما معه: ٤/ ٢٢٤٩، برقم (٢٩٣٥).
(٣) صحيح مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب ذكر الدجال وصفته وما معه: ٤/ ٢٢٥٠ برقم (٢٩٣٦).
(٤) صحيح البخاري، كتاب الفتن، باب لا يدخل الدجال المدينة: ١٣٦١ برقم (٧١٣٢).


الصفحة التالية
Icon