قال ابن جرير -رحمه الله- في تفسير الآية: " وقالت المشركون من قريش: هلا أنزل على محمد آية من ربه، تكون حجة لله علينا، كما جعلت الناقة لصالح، والمائدة آية لعيسى؟ قل يا محمد: إنما الآيات عند الله، لا يقدر على الإتيان بها غيره ﴿وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ وإنما أنا نذير لكم، أنذركم بأس الله وعقابه على كفركم برسوله، وما جاءكم به من عند ربكم {مُبِينٌ يقول: قد أبان لكم إنذاره"﴾ (١)، ثم إن الله -عز وجل- " لو علم أنكم تهتدون لأجابكم إلى سؤالكم؛ لأن ذلك سهل عليه، يسير لديه، ولكنه يعلم منكم أنما قصدكم التعنت والامتحان، فلا يجيبكم إلى ذلك" (٢)، كما قال تعالى: ﴿وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا﴾ (٣).
ومن ذلك المجلس الذي جلس فيه المشركون يطلبون الآيات على وجه العناد والكفر، قال تعالى: ﴿وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (٩٠) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (٩١) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (٩٢) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا﴾ (٤).
وهذا المجلس الذي اجتمع هؤلاء له،"لو علم الله منهم أنهم يسألون ذلك استرشادًا

(١) تفسير الطبري: ٢١/ ١١.
(٢) تفسير ابن كثير: ٣/ ٤٢٨.
(٣) الإسراء: ٥٩.
(٤) الإسراء: ٩٠ - ٩٣.


الصفحة التالية
Icon