على نوعين: عبودية عامة، وعبودية خاصة.
قال ابن القيم -رحمه الله- في بيان انقسام العبودية إلى عامة وخاصة: " العبودية نوعان: عامة وخاصة، فالعبودية العامة عبودية أهل السماوات والأرض كلهم لله برهم وفاجرهم مؤمنهم وكافرهم فهذه عبودية القهر والملك، قال تعالى: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (٨٨) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (٨٩) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (٩٠) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (٩١) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ (٩٢) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا﴾ (١)، فهذا يدخل فيه مؤمنهم وكافرهم (٢)...
وأما النوع الثاني فعبودية الطاعة والمحبة وإتباع الأوامر، قال تعالى: ﴿يَاعِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ﴾ (٣)، وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ (١٧) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ (٤)...
فالخلق كلهم عبيد ربوبيته، وأهل طاعته وولايته هم عبيد إلهيته" (٥).
فدل ما سبق على أن للعبودية معنى عاما وهو: القهر والتسخير، وهو يشمل جميع الكائنات كلها، ومعنى خاصا وهو: الطاعة والمحبة والإتباع، وهو يشمل أهل طاعة الله وولايته.
وهذا الكون الواسع بما فيه من الكائنات كلها يخضع لخالقه وباريه ويؤدي عبوديته له
(٢) انظر: العبودية: ١٠٤.
(٣) الزخرف: ٦٨.
(٤) الزمر: ١٧ - ١٨.
(٥) مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين لابن القيم، تحقيق: محمد حامد الفقي، دار الرشاد الحديثة، الدار البيضاء: ١/ ١٠٥.