لعظمته كل شيء طوعا وكرها وسجود كل شيء مما يختص به" (١).
وقال تعالى: ﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾ (٢).
قال ابن كثير -رحمه الله-: " يقول تعالى: تقدسه السماوات السبع والأرض ومن فيهن، أي من المخلوقات، وتنزهه وتعظمه وتجِّلّه وتكبره عما يقول هؤلاء المشركون، وتشهد له بالوحدانية في ربوبيته وإلهيته.
وقوله: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾ أي وما من شيء من المخلوقات إلا يسبح بحمد الله ﴿وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾ أي لا تفقهون تسبيحهم أيها الناس؛ لأنها بخلاف لغتكم. وهذا عام في الحيوانات والنبات والجماد (٣)،... كما ثبت في صحيح البخاري عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال: كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يُؤكل (٤) " (٥).
وأما الإسلام، فقد قال تعالى: ﴿أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾ (٦).
قال ابن تيمية -رحمه الله-: " فذكر إسلام الكائنات طوعا وكرها لأن المخلوقات جميعها متعبدة له التعبد العام، سواء أقر المقر بذلك أو أنكره، وهم مدينون له مدبرون، فهم مسلمون له طوعا وكرها ليس لأحد من المخلوقات خروج عما شاءه وقدره وقضاه، ولا حول ولا قوة إلا به، وهو رب العالمين ومليكهم يصرّفهم كيف يشاء، وهو خالقهم كلهم وبارئهم ومصورهم،
(٢) الإسراء: ٤٤.
(٣) انظر: رسالة في قنوت الأشياء كلها لله: ١/ ٤، وعبودية الكائنات لرب العالمين: ٢٣٤.
(٤) صحيح البخاري، كتاب المناقب، باب علامات النبوة: ٦٨٥ برقم (٣٥٧٩).
(٥) تفسير ابن كثير: ٣/ ٤٥ باختصار.
(٦) آل عمران: ٨٣.