الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا}... الخ؛ فيقتضي أن نتأمل أولاً في الكون من حيث العموم، ثم من حيث التفصيل؛ فإن ذلك أيضاً يزيدنا في الإيمان" (١).
خامساً: الاستفهام: وقد تعددت طرقه، فتارة يكون بالاستفهام التقريري عن الخلق والخالق، وتارة يكون بالاستفهام عن انتظام الكون واتزانه (٢)، إلى غير ذلك (٣).
فالاستفهام التقريري هو: " الذي يرد في صورة عرض مقدمات أو قضايا مسلمة عند الخصم على صيغة الاستفهام ثم التدرج معه حتى يصل به للإقرار بالقضية المنكرة وينقاد للحق ويسلم له" (٤).
ويتوصل به إلى إثبات مقاصد القرآن العظمى كالتوحيد والبعث والوحي، قال تعالى: ﴿أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (٦٠) أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (٥).
قال ابن كثير -رحمه الله-: " ثم شرع تعالى يبين أنه المنفرد بالخلق والرزق والتدبير دون غيره... فهم معترفون بأنه الفاعل لجميع ذلك وحده لا شريك له، ثم هم يعبدون معه غيره مما يعترفون أنه لا يخلق ولا يرزق، وإنما يستحق أن يفرد بالعبادة من هو المتفرد بالخلق والرزق؛ ولهذا قال: ﴿أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ﴾ أي أإله مع الله يعبد؟ وقد تبين لكم، ولكل ذي لب مما يعرفون به
(٢) منهج القرآن الكريم في عرض الظواهر الكونية: ١١٣ - ١١٤.
(٣) انظر: المصدر السابق: ١١٢ وما بعدها.
(٤) المصدر السابق: ١١٣.
(٥) النمل: ٦٠ - ٦١.