يذكر من الآيات الكونية، فمرة تتحدث الآيات عن الأفلاك والعوالم العلوية، ثم ما تلبث تتحدث عن الجبال والأرض والعوالم السفلية.
وتستحوذ على اهتمام الناس بمختلف مستوياتهم ومشاربهم، إذ الناس مختلفون فيما يستوقفهم ويسترعي انتباههم.
قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ (١)، وقال تعالى: ﴿وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ (٢).
ويستخدم في عرض الآيات الكونية أساليب مختلفة: فتارة تعرص مجملة، وتارة مفصلة، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُورًا﴾ (٣). فقد جاء القرآن بالتوحيد، وسلك إلى تقرير هذه العقيدة وإيضاحها طرقاً شتى، وأساليب متنوعة، ووسائل متعددة ﴿لِيَذَّكَّرُوا﴾ فالتوحيد لا يحتاج إلى أكثر من التذكر والرجوع إلى الفطرة ومنطقها (٤)، وإلى الآيات الكونية ودلالتها؛ ولكن الكفار يزيدون نفوراً كلما سمعوا هذا القرآن.
ويستخدم كذلك مفهوم المقابلة بين هذه الآيات الكونية"بذكر الشيء مع ما يوازيه في بعض صفاته ويخالفه في بعضها وتكون بالأضداد وغيرها" (٥).
فوصف السماء يقابله الأرض، ووصف الليل يقابله النهار وهكذا.
قال تعالى: ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً﴾ (٦)، فوصْف الأرض

(١) الأنعام: ١٠٥.
(٢) الأحقاف: ٢٧.
(٣) الإسراء: ٤١.
(٤) انظر: رسالة في قنوت الأشياء كلها لله تعالى: ١/ ١١ - ١٢.
(٥) البرهان في علوم القرآن لمحمد بن عبد الله الزركشي، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، المكتبة العصرية، بيروت، ١٤١٩: ٣/ ٤٥٨.
(٦) البقرة: ٢٢.


الصفحة التالية
Icon