فإن علم القراءات من أهم العلوم لتعلقه بكتاب الله تعالى، والقراءات القرآنية منحة ربانية من رب البرية تبارك وتعالى؛ تيسر أمر قراءة القرآن، وتسهل تعليمه وتعلّمه لأبناء الأمة.
وقد تدرج التأليف في هذا العلم مثله مثل أي علم من العلوم حتى استقر علما من أعظم العلوم القرآنية على الإطلاق.
وقد بدأت القراءات القرآنية مع نزول الوحي على رسول الله ﷺ حيث جاءه جبريل عند أضاة بني غفار فأمره أن يقرأ بحرف وظل الرسول ﷺ يستزيده حتى قال له: «إنّ الله يأمرك أن تقرئ أمّتك على سبعة أحرف، فأيّما حرف قرؤوا عليه فقد أصابوا» (١).
ثم جمع عثمان المصحف على حرف قريش، وأقر الصحابة هذا الجمع كما هو مشتهر، ثم علّم الصحابة ما تلقوه عن رسول الله ﷺ للتابعين، وعلمه التابعون لمن بعدهم، وحفظ هذا الفن في الصدور ثم بدأ يخرج على السطور، وكان همّ العلماء الأول ضبط القراءات التي أخذت عن النبي صلى الله عليه وسلم، فكان كل تلميذ يضبط في كتاب خاص ما تلقاه عن شيخه على شكل قراءات فردية، فوصل إلينا مجموعة من الكتب في أوائل المائة الثانية على أيدي جماعة
_________
(١) أخرجه مسلم حديث ٢٨٠، وأبو داود حديث ١٤٧٧، ١٤٧٨، والنسائي ٢/ ١٥٢، ١٥٤