والقلوب: جمع قلب، وهي أول الأعضاء الرئيسة (١)، سُمِّي قلبًا لكثرة تقلُّبه بالخواطر والمعاني (٢).
﴿وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ﴾ وأراد بالسمع: الأُذُن، وبالأبصار: العيون، إذ العرب تُسمي الشيء باسم الشيء إذا كان قريبًا منه. وإنما لم يقل على أسماعهم لأنَّ العربَ تكتفي من جمع المضاف بجمع المضاف إليه (٣).

= استُعير لفظ الختم استعارة محسوسة لمعقول بجامع عقلي هو الاشتمال على منع القابل عَمَّا مِنْ شأنه أن يقبله، ثم استعمل لفظ المشبه به في المشبه واشتقَّ من الختم المجازي صيغة الماضي فهو ﴿خَتَمَ﴾ فتكون الاستعارة في ﴿خَتَمَ﴾ تصريحية تبعية فعلية، وفي ﴿غِشَاوَةٌ﴾ استعارة تصريحية أصلية.
كما أن الخ ت م يكون علي القلوب والأسماع، وأن الغشاوة تكون على الأبصار، ومنه قوله تعالى: ﴿وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً﴾.
[مقدمة المفسرين للبركوي (١/ ٢٣٥)؛ وتفسير النسفي (١٤/ ١)؛ والكشاف (١/ ٢٦)؛ وأضواء البيان (١/ ١١٠)].
(١) والقلب: مضغة من الفؤاد معلقة بالنياط، قاله أبو منصور الأزهري، ويطلق القلب ويراد به العقل، ومنه قوله تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ﴾ أي: عقل. وتُجْمَع على قلوب وأَقْلُب، والقلب أخصّ من الفؤاد في الاستعمال، ومنه قول الشاعر [ينسب لوبرة بن جحذ]:
ليتَ الغرابَ رَمَى حمَاطَةَ قلبهِ عَمْرٌو بأسهمِهِ التي لم تُلْغَبِ
[تهذيب اللغة "قلب" (٩/ ١٧٢)؛ اللسان "قلب" (١١/ ٢٧١)].
(٢) قال تعالى: ﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ﴾ [الأنعام: ١١٠]، وقوله عليه الصلاة والسلام: "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك" أخرجه الترمذي (القدر باب ٧) والإمام أحمد (١٨٢/ ٤) وسنده صحيح.
ومنه قول الشاعر:
وما سمي الإنسان إلا لنسيِهِ ولا القلبُ إلا أنه يتقلَّبُ
(٣) أي أنه لما أضاف السمع إلى الجماعة دلَّ على أنه يراد به إسماع الجماعة، ومنه قول الشاعر [ينسب لعلقمة الفحل]:
بها جِيَفُ الحَسْرَى فأما عِظَامها فبيضٌ وأما جِلْدُهَا فصَلِيبُ
يريد جلودها.
وقول المُسَيَّب بن يزيد:
لاتنْكِروا القتلَ وقد سُبينا في حَلْقِكُم عَظْمٌ وقد شجينا
يريد: حلوقكم. =


الصفحة التالية
Icon