﴿أَلِيمٌ﴾ مؤْلِم (١). وقال ابن عرفة: ذو الألم (٢). ﴿بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾ (٣) أي: بسبب كونهم (٤) كاذبين أو مُكذبين.
﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ﴾ نزلت في المنافقين عند أكثر العلماء (٥). و"إذا" للتوقيت في المستقبل يحل محل الظرف، وقيل: لما يليها من الأفعال على صيغة الماضي. ﴿لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ﴾ أي: لا تعملوا بالعمل الفاسد فيها. وفسادُ الشيء: تغيُّرُهُ عن استقامة الحال. والأرض مأخوذٌ من الإراض وهو: البساط. والإرَاض مأخوذٌ منها (٦). ﴿قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ﴾ بأن نأتي كلَّ قوم بوجه ونَتَذبذبَ فيما بينهم تقيَّةً على أنفُسِنَا. "وما" في "إنّما" ما الكافة (٧)

(١) أليم بمعنى مؤلم معروف في كلام العرب، ومنه قول ذي الرمة:
وَنَرْفَعُ مِنْ صدورِ شَمَرْدَلاتٍ يَصُكُّ وجوهها وهجٌ أليمُ
وقول عمرو بن معدكرب الزبيدي:
أَمِنْ رَيْحَانَة الداعي السميعُ يُؤَرِّقُني وأصحابي هُجُوعُ
قوله "السميع" أي المسمع - فعيل بمعنى مُفْعِل.
[معاني القرآن للزجاج ١/ ٨٦ - الدر المصون ١/ ١٣٠].
(٢) أبو عبيد الهروي (الغريبين) (١/ ٩٤).
(٣) كتب في هامش النسخة (ي): ﴿بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾ في موضع رفع صفة لأليم، وتتعلق الباء بمحذوف تقديره: كائن تكذيبهم أو مستحق). ا. هـ انظر الإملاء للعكبري (١٧/ ١).
(٤) قول المؤلف "بسبب كونهم" جعل من كان مصدرًا، بناء على أن "ما" مصدرية ويشهد له قول الشاعر:
بِبَذْلٍ وَحِلْمٍ سادَ في قومه الفتى وَكَوْنُكَ إياه عليكَ يَسِيرُ
فقد صرح بالكون.
[شرح الأشموني ١/ ٢٣١ - شرح ابن عقيل ١/ ٢٣٤].
(٥) وهو الذي رجحه ابن جرير الطبري في تفسيره أنها نزلت في المنافقين على عهد رسول الله - ﷺ - وإن كان معنيًا بها كل من كان بمثل صفتهم من المنافقين إلى يوم القيامة [تفسير ابن جرير ٢٩٨/ ١].
(٦) الإراض: البساط لأنه يلي الأرض- قاله ابن سيده في المُحْكَم، وآرَضَ الرجُلُ: اْقام على الإرَاض، ومنه حديث أم معبد: "فشربوا حتى آرَضُوا" وقال الأصمعىِ: الإرَاض بالكسر، بساط ضخم من وبر أو صوف [المحكم لابن سيده (أرض) (٨/ ٢٢٢ - اللسان (أرض) ١/ ٨].
(٧) إذا دخلت "ما" على إنَّ وأخواتها كفتها عن العمل إلا "ليت"، وإليه أشار ابن مالك في ألفيّته فقال:
ووصل "ما" بذي الحروفِ مُبْطِلُ إعمالها وقد يُبَقَّى العَمَلُ
وعلل سيبويه في ذلك أن هذه الأدوات قد أعملت لاختصاصها بالأسماء ودخول "ما" =


الصفحة التالية
Icon