أي: أيقنوا الإيمان، ها هنا هو الإيقان دون الإقرار ﴿كَمَا آمَنَ النَّاسُ﴾ أبو بكر (١) مع المهاجرين والأنصار (٢).
﴿قَالُوا أَنُؤْمِنُ﴾ على وجه التعجب والإنكار، كقوله: ﴿أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ﴾ (٣) ﴿كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ﴾ الجهالُ والسَّفيه: الخفيفُ العقلِ. يقال: تَسَفَّهَتِ الرياحُ الشيء إذا: اسْتَخَفَّتْه وحَرَّكتْهُ (٤). وقيل: نزلت الآية في كعب بن الأشرف (٥) وأصحابه. والمراد بالناس: عبد الله بن سَلام (٦) وأصحابه (٧).

= لأنه في موضع جر بإضافة إذا إليه، والمضاف إليه لا يعمل في المضاف) ا. هـ انظر الإملاء للعكبري (١/ ١٨).
(١) أبو بكر الصدِّيق: عبد الله بن عثمان خليفة رسول الله - ﷺ -. ولد بعد الفيل بسنتين وستة أشهر، وصحب النبي - ﷺ - قبل البعثة، وسبق إلى الإيمان به، واستمرَّ معه طوال إقامته بمكة، ورافقه في الهجرة وفي الغار ﴿ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ [التوبة: ٤٠]. وشهد المشاهد كلها وكانت الراية معه يوم تبوك، وحجَّ بالناس في حياة النبي - ﷺ - في السنة التاسعة من الهجرة، وفضائله وأخباره يطول ذكرها.
[الصحابة لأبي نعيم (١/ ١٤٩)؛ أسد الغابة (٣/ ٢٠٥)؛ تاريخ الإسلام للذهبي قسم عهد الخلفاء الراشدين (١٠٥) الإصابة (٢/ ٣٤١)].
(٢) ذكره السيوطي في الدر (١/ ٣٠) لابن عساكر بسند واه. وأخرج ابن أبي حاتم بسند جيد عن أبي العالية: أنهم أصحاب محمَّد - ﷺ -[التفسير الصحيح- د. حكمت بشير ١/ ١١٠].
(٣) سورة الشعراء: ١٦٥.
(٤) أي أنّ السفيه هو الجاهل الضعيف الرأي القليل المعرفة بمواضع المصالح والمضار، ولهذا سمّى الله النساء والصبيان سفهاء فقال تعالى: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا﴾ [النساء: ٥] وهذا ما ذهب إليه عامة علماء التفسير كالإمام الطبري وابن كثير وغيرهما وقال أبو إسحاق الزجاج: أصل السفه في اللغة خِفَّةُ الحلم.
[تفسير الطبري ١/ ٣٠٢ - تفسير ابن كثير ١/ ٦٨ - معاني القرآن لأبي إسحاق الزجاج ١/ ٨٨ - تهذيب اللغة للأزهري ٦/ ١٣٣].
(٥) شاعر جاهلي من بني نبهان، دان باليهودية، كان يقيم في حصن قريب من المدينة، أدرك الإِسلام ولم يسلم. هجا النبي - ﷺ - فأمر بقتله، فقتل وحُمِلَ رأسه إلى المدينة.
[الكامل لابن الأثير ٢/ ٥٣) تاريخ الطبري (٣/ ٢) الروض الأنف (٢/ ١٢٣) الأعلام ٥/ ٢٢٥)].
(٦) هو عبد الله بن سلام بن الحارث الإسرائيلي ثم الأنصاري، يكنى أبا يوسف، الإمام الحبر المشهود له بالجنة، حليف الأنصار، من خواص أصحاب النبي - ﷺ -، أسلم إذ قدم النبي - ﷺ - المدينة، وشهد مع عمر فتح بيت المقدس والجابية، وتوفي بالمدينة في خلافة معاوية سنة ثلاث وأربعين.
[الاستيعاب (٣/ ٩٢١)؛ سير أعلام النبلاء (٢/ ٤١٣)؛ تهذيب التهذيب (٥/ ٢١٩)؛ الإصابة (٤/ ١١٨)؛ تهذيب الأسماء (١/ ٢٥٥)].
(٧) انظر القرطبي (١/ ٢٠٥).


الصفحة التالية
Icon