الأسدي وابن السوداء (١). ﴿إِنَّا﴾ مركبة من "إنّ" التي هي للإثبات و" (نا) " كناية للجمع (٢) الذين تَكَلَّمَ منهم، فلما اجتمعت النونات اكتفى بنون مُشددة (٣) ﴿مَعَكُمْ﴾ بالقلوب. وقيل: في التكذيب سِرًّا (٤). ﴿مُسْتَهْزِئُونَ﴾ بأصحاب محمَّد (٥)، بإظهار قول لا إله إلا الله. ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾ يجازيهم على استهزائهم (٦). كقوله: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾ (٧)، وقوله: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾ (٨)، وقال الشاعر (٩):

ألا لا يَجْهَلن أحدٌ علينا فنجهل فوق جهلِ الجاهلينا
(١) في (ب) (ن): (السوط) وهو خطأ.
(٢) وقال السمين الحلبي (الدر المصون ١/ ١٤٦): الأصل في إنَّا: إنَّنا كقوله تعالى: ﴿إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا﴾ وإنما حذفت إحدى نوني "إنَّ" لما اتصلت بنون "نا" تخفيفًا. وأشار إلى ذلك أبو جعفر النحاس في إعراب القرآن (١/ ١٤٠).
(٣) كتب في هامش النسخة (ي): ﴿إِنَّا مَعَكُمْ﴾ [الأصل] إننا فحذفت النون الوسطى على القول الصحيح، كما حُذفت في إن [إذا خففت] كقوله: ﴿وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ﴾ و (معكم): ظرف قائم مقام الخير، أي: كائنون معكم) ا. هـ انظر الإملاء للعكبري (٢٠/ ١).
(٤) ثبتَ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله تعالى: ﴿إِنَّا مَعَكُمْ﴾ أي: إنَّا على مثلِ ما أنتم عليه.
[أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٤٧ - والطبري في تفسيره ١/ ٣٠٧ - وقال الشيخ حكمت بشير في تفسيره "التفسير الصحيح" ١/ ١١١: إسناده حسن].
(٥) وهذا تفسير ابن عباس - رضي الله عنهما - أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٤٨ أو الطبري في تفسيره ١/ ٣١١ وكذا قال الربيع بن أنى وقتادة.
(٦) تفسير المؤلف استهزاء الله بهم بمجازاته إياهم هو تفسير الأشاعرة في نفي صفة الاستهزاء بالكافرين والمنافقين عن الله - عَزَّ وَجَلَّ -، والذي رجحه إمام المفسرين أبو جعفر بن جرير الطبري في تفسيره (١/ ٣١٥) أن معنى الاستهزاء في كلام العرب إظهار المستهزِئ للمُسْتَهْزَأ به من القول والفعل ما يرضيه ويوافقه ظاهرًا، وهو بذلك من قيله وفعله به مُوَرِّطُهُ مساءَتَهُ باطنًا. اهـ. وقال ابن كثير في تفسيره (١/ ٦٩): استهزاء الله - عَزَّ وَجَلَّ - بهم هو سخريته بهم، وهكذا قال شيخنا محمَّد بن صالح العثيمين في تفسيره (تفسير القرآن الكريم ١/ ٥٤) وقد فصل القول في ذلك الشيخ محمَّد بن عبد الرحمن المغراوي في كتابه (المفسرون بين التأويل والإثبات في آيات الصفات ١/ ١٢٩).
(٧) سورة الشورى: ٤٠.
(٨) سورة البقرة: ١٩٤.
(٩) هو للشاعر عمرو بن كلثوم التغلبي، انظر ديوانه (٧٩). وهي في المعلقة التي مطلعها:


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
ألا هبي بصحنك فاصبحينا ولا تُبقي خمور الأندرينا