أن يكون جزمًا على العطف (١) على قوله: ﴿وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ﴾. وإنما اقتضى النهي جوابًا مع استعماله نفسه، وكذلك الأمر لوجوب الجزاء عند ارتكاب النهي والائتمار بالأمر فصار أمرُ (٢) هذا الوجه كالشرط وإنما لم يقل: ظَالِمَيْن لوفق رؤوس الآي. والظُّلم: العدول عن الصواب.
﴿فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ﴾ أوقعهما في الزلل وحملهما عليه. وقُرئَ ﴿فأزالهما الشيطان﴾ (٣)، أي: نَحَّاهما. و ﴿الشَّيْطَانُ﴾ هنا هو إبليس لعنه الله ﴿عَنْهَا﴾ عن الوصية على القراءة الأولى، وعن الجنة على القراءة الأخرى (٤) ﴿فَأَخْرَجَهُمَا﴾ خَلّى المكان عنهما، ولم يكن إبليسُ قادرًا على الإخراج، ولكن لَمَّا حصل خروجهما بسبب وسوستِهِ أسْند إليه، كما يقال: نفع الدواء وقتل السُّم. ﴿مِمَّا كَانَا فِيهِ﴾ من النعيم ﴿وَقُلْنَا﴾ واو العطف ﴿اهْبِطُوا﴾ انزلوا. والهبوط ضد الصعود ﴿بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ﴾ خطاب لآدم وحواء والحية وإبليس وطاووس (٥)،
(١) ظاهر كلام المؤلف أن الفاء هي التي نصبته والأظهر أن الناصب له هو أَنْ مضمرة بعد فاء السببية الواقعة في جواب النهي. وما ذهب إليه المؤلف هو مذهب الجرمي -أي أن الناصب لها هو الفاء-، والثاني- النصب بأن مضمرة - هو مذهب البصريين. وذهب بعض النحويين إلى الجزم - جزم تكونا - عطفًا على "تقربا" ومنه قول الشاعر [قيل لعمرو بن عمار الطائي وقيل لامرئ القيس]:
فقلت له:
| صَوِّبْ ولا تَجْهَدَنَّهُ | فَيُدْرِكَ مِنْ أُخرى القطاةِ فَتَزْلَقِ |
(٢) في (ي) (ب): (الأمن) وهو خطأ.
(٣) هي قراءة حمزة كما في النشر لابن الجزري (٢/ ٢١١).
(٤) في (أ): (الأولى) وهو خطأ.
(٥) صح عن ابن عباس - رضي الله عنهما - فيما أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ﴿اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ﴾ قال: آدم وحواء وإبليس والحية. ورجح الزمخشري بأن الخطاب لآدم وحواء وجمع =