النار (١)، والله تعالى قال: ﴿فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ﴾ (٢) فكذلك ظَنَّ آدمُ- عليه السلام - نوعَ صلاح في المنهي عنه بغرور إبليس عليه اللعنة من غير أن ظن المحال بالله (٣). ﴿عَدُوٌّ﴾ مُبْغِضٌ (٤) ﴿وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ﴾ موضع قرار واستقرار. ﴿وَمَتَاعٌ﴾ منفعةٌ وهو: اسم لما يتمتع وينتفع به من حياة أو ملبوسٍ أو مطعومٍ أو مشروبٍ أو غير ذلك. ﴿إِلَى حِينٍ﴾ منتهى الآجال وقيام الساعة، وإنما ذكر ذلك لينبههم بالتوقيت على زوال الدنيا فلا يركنوا إليها.
﴿فَتَلَقَّى﴾ تلقى وأخذ وأصاب، وفي اللغة قريبٌ من الاستقبال (٥)، نهى - عليه السلام - عن تلقي الرُّكبان (٦)، أي: عن استقبالهم. واختلفوا في الكلمات:

(١) لم أجد رواية صريحة بأنه شرب دم النبي - ﷺ -. ولكني وجدت عند ابن حبان في المجروحين (٣/ ٥٩) رواية عن غلام من قريش حجم النبي وشرب دمه وذكر ذلك للنبي فقال له - ﷺ -: "أحرزت نفسك من النار" وهذا حديث موضوع كذا حكم عليه ابن حجر في "تلخيص الحبير" (١/ ٤٢ - ٤٣).
وهناك رواية أخرى عن عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما - أنه فعل ذلك فقال له النبي: "لا تمسك النار" رواه الدارقطني في السنن (١/ ٢٢٨) وعزاها ابن حجر للطبراني وفيها ضعف بسبب علي بن مجاهد، انظر تلخيص الحبير (١/ ٤٢ - ٤٣) ووجدت رواية عند أبي نعيم (١/ ٣٣٠) عن عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما - فعل ذلك وهي ضعيفة كذلك.
(٢) سورة البقرة: ٢١٩.
(٣) في (أ): (من غير ظن أن المحال).
(٤) الأصل أن كلمة "عدو" خلاف الصديق - أي اهبطوا حال كونكم متعادين، يبغي بعضكم على بعض بتضليله فهي حال من فاعل اهبطوا استغني عن الواو بالضمير. وأُفْرِدَ لفظ "عدو" وإن كان المراد به جمعًا لوجهين: الأول: قيل إما باعتبار لفظ "بعض" فإنه مفرد. الثاني: أن "عدو" أشبه بالمصادر في الوزن كقبول ونحوه. وقد صرح أبو البقاء بأن بعضهم جعل عدوًا مصدرًا.
[الإملاء ١/ ١٩٣ - الدر المصون ١/ ٢٩٠ - حدائق الروح والريحان للهرري ١/ ٣٢٢].
(٥) ما ذكره المؤلف في معنى كلمة "تلقى" من باب اختلاف التنوع في التفسير وهذا يتكرر في مواضع عدة من هذا الكتاب. وقال إمام المفسرين الطبري: أصل التلقي من اللقاء كما يتلقى الرجل الرجل يستقبله، فمعنى "تلقى" كأنه استقبله فتلقاه بالقبول، حين أوحى إليه، أو أخبره به. اهـ
[تفسير الطبري ١/ ٢٤٢].
(٦) البخاري (٢١٤٩)، ومسلم (٣/ ١٥١٥ - ١٥٢١) من حديث أبي هريرة وابن عباس - رضي الله عنهم.


الصفحة التالية
Icon