يومًا لا تجزيه نفس، ثم أسقط الضمير كما أسقط عن صلة الموصول (١) كقوله: ﴿وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ﴾ (٢)، وقوله: ﴿بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا﴾ (٣). ﴿شَيْئًا﴾ نفعًا (٤)، مصدر. وقيل: قائم مقام اسم محذوف تقديره: جزى يجزي، أي: أسقط (٥) واجبًا أو دينًا أو حقًا، على لغة تميم أَجْزَأَ يجزئ عقابًا أو ملامًا أو وزْرًا (٦) ﴿وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ﴾ ولا يشفع لها شافع ﴿وَلَا يُؤْخَذ﴾ لا يُقبل ﴿مِنْهَا عَدْلٌ﴾ فِدَاءٌ (٧). لو جاء الكافر بعدل نفسه لا يقبل منه. ﴿وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾ يُمنعون مما نزلى بهم من العذاب. والقَبُولُ: التمكين والارتضاء، والشفاعة: الاسْتيهاب والاسْتِعتاب. والشفيع الذي يصير شَفيعًا للمجرم في الاستعتاب، والأخذُ: القبض والعدل: الفداء، قال الله تعالى: ﴿وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا﴾ (٨). والنصر: المنع، كقوله: ﴿وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ﴾ (٩). وقد يكون بمعنى الإعانة، قال الله تعالى: ﴿مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ﴾ (١٠).

(١) ذكره الطبري في تفسيره (١/ ٢٦) وقال: التقدير: واتقوا يومًا لا تجزي فيه أو لا تجزيه
- أي جائز على الوجهين - ومنه قول الراجز:
قَدْ صَبَّحَتْ، صبحها السلامُ بِكَبِدٍ خَالَطَهَا سَنامُ
في ساعةٍ يُحبُّها الطَّعَامُ
وهو يعني: يحبُ فيها الطعام فحذفت الهاء الراجعة على اليوم. ولا دليل على من منع حذف الضمير. اهـ.
(٢) سورة البقرة: ٤١.
(٣) سورة الفرقان: ٤١.
(٤) وإليه ذهب الآلوسي في روح المعاني (١/ ٢٥١) أن "شيئًا" بمعنى نفعًا. وقال نصبت "شيئًا" إما على أنه مفعول به أو على أنه مفعول مطلق قائم مقام المصدر أي جزاءً ما.
(٥) في (أ) (ن): (يسقط).
(٦) في (ن)؟ (وزارًا)، وفي (ب): (زورًا).
(٧) وهو الذي صحّ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن العدل بمعنى الفدية أخرجه الطبري في تفسيره (٢/ ٣٤) ومنه قوله تعالى: ﴿وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا﴾ [الأنعام: ٧٠] بمعنى: وان تقدم كل فدية لا يؤخذ منها.
(٨) سورة الأنعام: ٧٠.
(٩) سورة هود: ٣٠.
(١٠) سورة آل عمران: ٥٢.


الصفحة التالية
Icon