﴿بَابٍ (٢٣) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ﴾ (١) ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ﴾ (٢).
وقال امرؤ القيس (٣) (٤):

أفاطِم مهلًا بعض هذا التدلُّلِ وإن كنتِ قد أزمعتِ صَرْمِي فأجمِلِي
و ﴿مِنْ﴾ للتبعيض (٥). والطيبُ: ما لا تعافه طبعًا ولا تكرهُه شرعًا، وكان غير الطيب من رزقهم ما رفعوا للغد لأنهم كانوا منهيين إلا في يوم الجمعة للسبت. وهاهنا اختصارٌ تقديره: فَعَصَوْا (٦). ﴿وَمَا ظَلَمُونَا﴾ بعصيانهم، وإنما لم يقل: ولكن كانوا يظلمون أنفسهم (٧) لأن ذكر المظلوم كان أهم.
﴿وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا﴾ الوحي كان إلى يوشع بن نون (٨) وهو ابن أخت موسى ووزيره بعد هارون، وهو أحد النقباء الذين قال الله تعالى: ﴿وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا﴾ (٩). وجملةُ قصة بني إسرائيل أن الله تعالى لما أنجاهم من فرعون وفَرَقَ بِهِمُ البحر أتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم فقالوا: ﴿يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ﴾ قال: ﴿أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا﴾. ثم
(١) سورة الرعد: ٢٣، ٢٤.
(٢) سورة آل عمران: ١٠٦.
(٣) امرؤ القيس بن حجر بن الحارث من قبيلة كِنْدَة، وهي قبيلة يمنية كانت تسكن قبل الإِسلام غربي حضرموت. نشأ في الجاهلية نشأة ترف ولهو ومجون، فطرده أبوه حتى أصبح شاعرًا كبيرًا معدودًا من أصحاب المعلَّقات السبع. كان أبوه ظالمًا في بني أسد حتى قتلوه، فأراد أن يأخذ بثأر أبيه فلم يتمكن من ذلك، أصيب بمرض جلدي فأرداه قتيلًا.
[الأغاني (٩/ ٨٧)؛ أشعار الشعراء الستة الجاهليين للأعلم الشنتمري (٥)].
(٤) ديوانه (١٢).
(٥) وقيل لابتداء الغاية، وقال أبو البقاء: لبيان الجنس والمفعول به محذوف التقدير: كلوا شيئًا.
[الإملاء (١/ ٣٧) - الدر المصون (١/ ٣٧١)].
(٦) وهكذا قدره القرطبي (١/ ٤٠٩).
(٧) هذا من "ي" وفي بقية النسخ: (أنفسهم يظلمون).
(٨) الخطاب موجه إلى يوشع بن نون ومن تبعه ممن خرجوا من التيه بعد أربعين سنة كما ذكره ابن كثير في تفسيره (١/ ١٢٥).
(٩) سورة المائدة: ١٢.


الصفحة التالية
Icon