والعدس: حبة يستوي كيله ووزنه، ويقال له: البُلْسُن. والبصل: الحوقل. والبري: العُنْصُل. والأدنى: حذفت الهمزة تخفيفًا (١). وقيل الأدنى: الأقرب متناولًا ووجودًا، وذلك الوصف ينبىء عن الكساد والهوان. وقوله: ﴿اهْبِطُوا﴾ على التقريع.
وصرف ﴿مِصْرًا﴾ لأنها غير مُعرَّفة (٢)، يعني مصرًا من الأمصار، وهو اسمٌ للمدينة. وأصل المِصْر: الحدّ، ومُصور الدار: حدودها. قال الشاعر (٣):

وجاعلُ الشمسِ مِصْرًا لا خفاءَ به بين النهارِ وبين الليل قد (٤) فضلا
﴿فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ﴾ أي: سؤالكم بها إن هبطتم. والسؤال هاهنا
(١) وهو مهموز -كما حكاه الخطابي- من الدنيء البيِّن الدناءة بمعنى الأخس، فخففت همزته، وقيل: مأخوذ من الدون أي الأحط، فاصله أَدْوَن، أَفْعَل، قُلِبَ فجاء أَفْلَع وحولت الواو ألفًا لتطرفها، وذكر الزجاج أن "أدنى" مأخوذ من الدنو أي القرب المكاني لخسَّته.
[معاني القرآن للزجاج (١/ ١٤٣) - الدر المصون (١/ ٣٩٤) - الطبري (٢/ ١٣٠)].
(٢) قرأه الجمهور منونًا، وهو خط المصحف، بمعنى أنهم أُمِرُوا بهبوط مصر من الأمصار فلذلك صُرِف. وقيل: أُمِرُوا بهبوط مصر بعينه وإنما صرف لخفته وسكون وسَطه مثل هنْد ودعْد، ومنه قول جرير:
لم تَتَلَفَّعْ فَضْل مِئْزَرِهَا دَعْدُ ولم تُسَقْ دَعْدُ في العُلَبِ
فجمع الشاعر بين الأمرين.
وقرأ الحسن وغيره: "مصرَ" غير منونة وكذلك هي في بعض مصاحف عثمان ومصحف أُبَيّ. وقال الزمخشري: إنه مُعَرَّب من لسان العجم. والمصر في أصل اللغة: هو الحد الفاصل بين الشيئين. ولذا كان أهل هجر إذا كتبوا بيع دار قالوا: اشترى فلان الدارَ بمُصُورِها - أي بحدودها. ومنه قول عدي بن زيد:
وجاعِل الشمسِ مصرًا لا خفاءَ بهِ بين النهارِ وبين الليلِ قد فَصَلا
[البحر (١/ ٢٣٤) - الكشاف (١/ ٢٨٥) - ديوان عدي بن زيد ص ١٥٩ - القرطبي (١/ ٤٢٩) - الدر المصون (١/ ٣٩٦)].
(٣) الشعر لـ: عدي بن زيد العبادي التميمي النصراني كما في "الشعر والشعراء" لابن قتيبة (١٢١).
(٤) (قد) ليست في "ن" "أ".


الصفحة التالية
Icon