يكون بمعنى الأسر، كقوله: ﴿وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ﴾ (١)، وبمعنى الغصب كقوله: ﴿يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا﴾ (٢)، وبمعنى القبول والتمسك كقوله: ﴿خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ﴾ (٣) ﴿وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ﴾ أي: قلعنا وحبسنا فوق رؤوسكم، وذلك أنَّ الله لما أنزل التوراة على موسى فأبى قومه أن يقبلوه فأمر الله تعالى بملائكة نتقت الجبلَ فوقهم فنودوا أن اقبلوا التوراة وإلا أرضختم به، فخرّوا لله ساجدين على شقِّ وجوههم يلاحظونَ الجبلَ، وقبلوا التوراةَ مكرهين.
وفي رواية عطاء (٤) وابن عباس (٥): رفع الله الطور فوقهم وبعث نارًا من قِبل وجوههم وأتاهمُ البحر الملح (٦) من خلفهم، فقال لهم موسى: إن لم تقبلوا التوراة أحرقكم الله بهذه النار (٧) وغرقكم في هذا البحر، وأطبق عليكم هذا الجبل، فأخذوا كارهين. والرفع نقيض الوضح. وفوق الشيء: ما لم يلحقه لعلوِّه وارتفاعه من حدّ أو حال أو محل كهاهنا (٨). والطور: الجبل (٩)، وقيل: الجبلُ المنبت. قال ابن عباس: هو طور سيناء، والقوةُ:
(٢) سورة الكهف: ٧٩.
(٣) سورة البقرة: ٦٣.
(٤) هو عطاء بن أبي رباح واسمه أسلم القرشي مولاهم أبو محمَّد المكي، الإِمام، شيخ الإسلام مفتي الحرم، انتهت فتوى أهل مكة إليه وإلى مجاهد. وورد عن بعض أهل العلم أن عطاء كان أسود أعور أفطس أشل أعرج ثم عمي وكان ثقة فقيهًا عالمًا كثير الحديث، وورد عن ابن عباس أنه قال: تجتمعون إليَّ وعندكم عطاء، مات سنة أربع عشرة ومائة على المشهور وقد عاش ثمانيًا وثمانين سنة.
[سير أعلام النبلاء (٥/ ٧٨)؛ طبقات الحفاظ (١/ ٤٥)؛ تهذيب التهذيب (٧/ ١٧٩)؛ رجال مسلم (٢/ ١٠٠)؛ صفوة الصفوة (٢/ ٢١١)].
(٥) البغوي (١/ ١٢٥).
(٦) في "أ": (المالح).
(٧) (النار) من "ن".
(٨) في "ب": (كما)، وفي "أ": (كذا).
(٩) الطور في كلام العرب هو الجبل، ومنه قول العجاج:
دانَى جناحَيْهِ من الطورِ فَمَرّ
تَقَضَّي البازِي إذا البازِي كَسَرْ =