بأن يضعوا أيديهم على بقرةٍ مذبوحةٍ ثم يحلفوا بالله الذي لا إلهَ إلا هو إله بني إسرائيل ما قتلناه، وما علمنا قاتله. فلما وقعت هذه الواقعةُ أَبَوْا إلا تعيين القاتل، ولم يدفنوا المقتول أيامًا، وآل بهم الأمر إلى الاختلاف والاقتتال. فلما طالَ الشرُّ شَكَوْا إلى موسى - عليه السلام - فوعدهُمُ الله تعالى إحياءَ المقتول على شريطة ذكرها في هذه الآية، لتبيين القاتل، ويكون ذلك آيةً على البعث والنشور، فاتَهموا نبيَّ الله، وغَلَوْا في دين الله، وما كادوا يأتون بالشريطة لكثرة تمرُّدهم وتردُّدهم. ثم قست قلوبُهم من بعد مشاهدة الآية أو وقوع العلم بها فهي كالحجارة أو أشد قسوة، على ما وصفه الله تعالى.
و (إذْ) ظرف على ما تَقَدَّمَ، ويحتمل أن يكون العامل فيه قالوا، ويحتمل أن يكون التقدير في قالوا: فقالوا، إلا أنه أسقط حرف العطف لاستقامة الجواب بذاته، كما في قوله: ﴿قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (٢٣) قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ (١) الآيات، ﴿بَقَرَةً﴾ واحده بقر (٢). والبقر: اسم جنس، والجمع باقر وبقور (٣). وفي الآية دليل على ثبوت العموم لأن تقديرها: أن تذبحوا بقرة ما (٤)، كما تقول (٥) للغلام: ناولني حصاةً وادعُ
(٢) ليست في "ب".
(٣) البقرة: تقع على الذكر والأنثى نحو حمامة، والصفة يتميز الذكر من الأنثى. وقيل: بقرة اسم للأنثى خاصة من هذا الجنس مقابلة للثور نحو ناقة وجمل، وأتان وحمار، وسمي هذا الجنس بذلك لأنه يبقر الأرض أي: يشقّها بالحرث، والجمع بقر وبقور وباقر وبقير.
ومن جمعها على أبقر قول معقل بن خويلد الهذلي:
كأنَّ عَرُوضَيْهِ مَحَجَّة أَبْقُرٍ | لهنَّ إذا ما رُحْنَ فيها مَذَاعِقُ |
[المحكم لابن سيده (٦/ ٣٩٥) - أشعار الهذليين ص ١٣١٩ - لسان العرب "بقر" - تاج العروس "بقر"].
(٤) ليست في "ب" "أ".
(٥) ليست في "ب".