أمه: لا تَبعْها حتى تشاورني، وكان حينئذٍ (١) ثمن البقرة ثلاثة دنانير. فأبى الغلامُ وأُمُّه بيعها إلا بملء مَسْكِها ذهبًا، فاشتروا بذلك.
وقال السُّدِّيُّ: كان الغلامُ بارًا بأبيه، جاءه رجلٌ بلؤلؤ فابتاعه منه بسبعين ألفًا، وكان في اللؤلؤ فَضْلٌ فقال: إنَّ أبي نائم والمفتاح تحت وسادته فأنظرني ولك عشرة آلاف زيادة، فقال الرجل: وأنا أحطُّ عشرةَ آلاف على أن (٢) توقظ أباك. قال الغلام: وأنا أزيد عشرين على أن تنظرني ساعةً، فلم يزل يزيدُ هذا أو يحطُّ ذلك حتى استيقظ أبوه، فأعقبه الله ببرِّه بأبيه نفاسة تلك البقرة حتى اشتروها بوزنها عشر مرات ذهبًا. قال وهب: كانت البقرة للقاتل، عن أبي العالية: كانت لعجوز قيمةٍ على اليتامى (٣).
﴿وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ﴾ على الذم لكثرة تردُّدهم.
﴿فَادَّارَأْتُمْ﴾ تدافعتم، صيّرت التاءُ دالًا وأُدغِمت في الدال فصارت المدغمة ساكنة فابتدأ بها همزة الوصل (٤). نظيره: ﴿اثَّاقَلْتُمْ﴾ (٥) و ﴿تَسَاءَلُونَ﴾ (٦) والدرء: الدفع (٧) ﴿مُخْرِجٌ﴾، والإخراج: الإبراز والإظهار.
(٢) في "ب" "ن": (عمَّا).
(٣) في "ب": (أيتام).
(٤) أي أن أصلها "تدارأتم" على وزن تفاعلتم، من الدرء. والدرءُ: العوج، ومنه قول أبي النجم العجلي:
خشيةَ طغَّام إذا هَمَّ جَسَرْ | يأكلُ ذا الدَّرْءِ ويقصي مَنْ حقرْ |
تولي الضجيعَ إذا ما استافها خَصِرًا | عَذْبَ المَذَاقِ إذا ما اتَّابَعَ القُبَلُ |
[معاني القرآن للفراء (١/ ٤٣٨) - الطبري (٢/ ١١٩)].
(٥) سورة التوبة: ٣٨.
(٦) سورة النساء: ١.
(٧) انظر: معاني القرآن للزجاج (١/ ١٢٦) - المحرر (١/ ٣١٩) - البحر (١/ ٢٥٩) - لسان العرب "درء" - الطبري (٢/ ٢٢٢).