﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ﴾. وفي قوله الآخر: جواب القسم، إذِ الميثاق (١) هو العهدُ الموثقُ (٢) باليمين، يدلُّ عليه قراءة ابن مسعود: ﴿لا نعبد﴾ بالنون (٣). ومجازه: يعبدون الله؛ لأنَّ الاستثناء مع المستثنى منه أحد اسمي الباء في ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ أي: أمرناهم وأوصيناهم. والوالدان: الأب والأم. غُلِّبَ المذكر على المؤنث، كقولهم: أبوان، وحقيقة الولادة: أثمار الجوهر، وهو استحالة جزء منه بصفةٍ معهودة، والتوليد: التثمير. والحسن ضد: السوء.
﴿وَذِي الْقُرْبَى﴾ أي: ذي القرابة في النَّسَب. و ﴿الْقُرْبَى﴾ يحتمل أنه اسم كاليُسْرى والعُسْرى، ويحتمل أنه فعل كالرّجعى (٤).
﴿وَالْيَتَامَى﴾ جمع يتيم، كندامى جمع نديم، وقيل أنه: مقلوب كالخطايا، وقد يجمع اليتيم أيتامًا كاليمين والأيمان، والشريف والأشراف، والمصدر منه يُتْم، وفي الحديث": "لا يُتْمَ بعدَ البلوغ" (٥). واليتيمُ من

= [الاستيعاب (١/ ١٢٦)؛ تاريخ الإِسلام (٢/ ٢٧)؛ الإصابة (١/ ٢٦)؛ تاريخ ابن عساكر (٢/ ٣٢٥)؛ السير (١/ ٣٨٩)].
(١) الموثق والميثاق: العهد، والجمع مواثق ومياثق. والميثاق الذي أخذ علي بني إسرائيل قيل هو الذي أُخذ عليهم حين أُخرجوا من صلب آدم كالذَّر. وقيل: هو ميثاق أخذ عليهم وهم عقلاء في حياتهم على ألسنة أنبيائهم، وهو قوله: ﴿لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ﴾. [القرطبي (٢/ ١٢) - المحكم (٦/ ٥٤٤) - تاج العروس "وثق"].
(٢) في "أ": (الموثوق).
(٣) "معاني القرآن" للفراء (١/ ٥٨).
(٤) "القربى" مصدر كالرجعى والعقبى، ويطلق على قرابة الصلب والرحم، ومنه قول طرفة بن العبد:
وَطُلْمُ ذوي القُرْبَى أَشَدُّ مضاضةً على الحُرِّ مِنْ وَقْعِ الحسامِ المُهَنَّدِ
[الدر المصون (١/ ٤٦٤) - ديوان طرفة ص ٢١].
(٥) أخرجه أبو داود [الوصايا (٣/ ٢٩٤)]، والبيهقي (٧/ ٥٧)، والطبراني في الصغير (١/ ٩٦)، والطحاوي في مشكل الآثار (١/ ٢٨٠) وغيرهم عن علي بن أبي طالب مرفوعًا بلفظ: "لا يُتْمَ بعد احتلام" قال النووي في رياض الصالحين ص ٦٧٩: إسناده حسن، وقال الهيثمي في "المجمع (٤/ ٣٣٤): رجاله ثقات، وصححه الألباني في الإرواء (٥/ ٧٩).


الصفحة التالية
Icon