فتمثَّل لها بشرًا سَوِيًا، ونفخ فيما أحصنت فحبلت العذراءُ البتول بالمسيح الرسول. والبينات: جمع بيِّنة، وهي ما يشهد من المعاني لثبوت حق.
وبيناتُ عيسى (١): إبراءُ الأكمه والأبرص وإحياءُ الموتى بإذن الله والإنباء بما يأكلون وما يدَّخرون في بيوتهم. ﴿وَأَيَّدْنَاهُ﴾ قويناه. والتأييد هو: جَعْلُ الشيء ذو الأيد والقوة.
﴿بِرُوحِ الْقُدُسِ﴾ والروح من أمر الله تعالى، ويُسمى ما يحيى به الجسد والنفس روحًا. ويُعَبَّر عن القرآن أيضًا، وعن المَلَك النازل بالقرآن كذلك، أعني: جبريل - عليه السلام - (٢). لأن حياة القلب وهو الإيمان بسببهما، وكان عيسى ابن مريم روح الله. والملائكة يُسَمَّون الروحانيين، والفلاسفةُ يُسنِدون (٣) علم النبوة والتنسّك وعلم المصالحِ والكهانة إلى روح القُدُس، وعلم السحر والنِّيرنجان (٤) إلى الأرواح الخبيثة. والكهانة عندنا في الخبر من النوع الثاني. ومثالُ روح القدس من الأسماء: زيد الخيل وامرؤ القيس وملك الموت، وفي الحديث: "اللهمَّ أيِّده بروح القُدس" (٥)، يعني حسان بن
(٢) الروح تطلق في الأصل ويراد بها الجزء الذي تحصل به الحياة من إنسان أو حيوان - قاله الراغب - أما المراد بروح القدس فهو جبريل - عليه السلام -، وهذا وصف اشتهر به، ومنه قول حسان بن ثابت:
وجبريلٌ رسول اللهِ فينا | وروحُ القدسِ ليسَ له كفاءُ |
[المفردات ص ٢٠٥ - البحر (١/ ٢٩٩) - ديوان حسان ص ٦٠].
(٣) (يُسندون) ليست في "ب".
(٤) هو علم التمويه والتخييل القائم على كتابات مجهولة الدلالة لتحصيل آثار من الحب والبغض والإقبال والإعراض ونحو ذلك، انظر: طاش كبري زاده "مفتاح السعادة" (١/ ٣٣٩).
(٥) الحديث عند البخاري (١/ ١٢٣)، وأبي داود في فضائل الصحابة ص ١٥١، والنسائي (المساجد ٢٤)، وأحمد في مسنده (٥/ ٢٢٢) وغيرهم.