فوق، ويحتمل أنها في الموضعين مكان في أو على. والشيء الخالص هو: المتفرد عن غيره المتمحض في نفسِهِ، وتمني الشيء: تشهيه، وهو إرادة غير المقدور، ومن أدواته: ليت. ﴿وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ﴾ كان حكم هذا التحدي في الآية السابقة حكم التحدي للمباهلة مع النصارى، قال - عليه السلام -: "والذي نفسي بيده، لو تمنَّى أحدهُم لغَصَّ بريقه" (١). والأبد هو: الأمد البعيد، وقد يطلق على بعيدٍ دونَ بعيدٍ، ومن ذلك قولهم: إلى أبد الأبيد وأبد الآباد، ويطلقُ على بعيد لِأَبْعَدَ منه، وهو آخر جزء من أجزاء حياة الرجل أو مدة الدنيا، وإياه عني فتية (٢) الكهف لقولهم: ﴿وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا﴾ (٣). وهو منصوب على الظرف، والمراد به: آخر جزء من أجزاء حياتهم الدنيا (٤)، بدلالة أنهم يقولون في النار: ﴿يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (٢٧)﴾ (٥). والباءُ في (بما) للسبب، وقوله: ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾ على التهديد.
﴿وَلَتَجِدَنَّهُمْ﴾ اللام للقسم، تقديره: والله لتجدنهم، أي: لَتَلفينَّهُم، وهو يقتضي مفعولين (٦)، وقوله: ﴿أَحْرَصَ﴾ مفعولٌ ثانٍ هاهنا، كقولك: وجدتُ الرجلَ صالحًا. والحرص: شدة التمني، ووزن أَفْعَل (٧) للتفضيل
(٢) بدل (عني فتية) في "ب" (عن فيه).
(٣) سورة الكهف: ٢٠.
(٤) "أَبَدًا" ظرف زمان يقع للقليل والكثير ماضيًا كان أو مستقبلًا. قال الراغب: هو عبارة عن مدة الزمان الممتد الذي لا يتجزَّأ كما يتجزَّأ الزمان، ويجمع على آباد لاختلاف أنواعه. وقيلْ آباد لغة مُوَلَّدة. ووصفه النحاس أنه ظرف زمان من طول العمر إلى الموت.
[المفردات ص ٢ - الدر المصون (٢/ ٩) - إعراب القرآن للنحاس (١/ ١٩٩)].
(٥) سورة الحاقة: ٢٧.
(٦) المفعول الأول هو الضمير "هم"، والمفعول الثاني هو "أحرص". وإذا تعدت "وجد" إلى اثنين كانا بمعنى علم.
(٧) في "أ": (أفعلة).